ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السؤال: من أكبر المشكلات التي يعاني منها طالب العلم،
مشكلة انصراف المجتمع عنه، وعن علمه، فهو لا يشعر
بمكانه المناسب له في المجتمع؛ لأن المجتمع المادي في
هذا العصر لا يقيس الأشخاص إلا بمقدار الكسب المادي
الحاصل من أي عمل، فما هو العلاج في نظر فضيلتكم؟
وكيف يعمل طالب ط§ظ„ط¹ظ„ظ… ؟ هل يكـون فـي ظ…ط¬طھظ…ط¹ خاص
يستطيع أن يتعلم ويعيش فيه ؟ أم ماذا يصنع ؟
أرجـــو أن تقدموا لنا النصيحة التـــي استفدتموها مـن
شيوخكم ، واستفادها شيوخكم عن شيوخهم .
الجـــواب : هذا الذي قاله السائل ليس بصحيح ، ولكـــن
الصحيح أن ط§ظ„ط¹ظ„ظ… ظٹظ‚ط¯ظ… أهل ط§ظ„ط¹ظ„ظ… ، ظˆظٹط±ظپط¹ ط£ظ‡ظ„ظ‡ فـــي كــل
مجتمع؛ فلو ذهب إلى أمريكا أو إنجلترا أو فرنسا أو أي
مكان لرفعه علمه بين الأقليات الإسلامية ، وبيـــن مــن
يدعوهم إلى الله على بصيرة من نفس المشركين؛ لأنهم
سينقادون إلى الحق إذا عرفوه بأدلته الواضحة ،
وبأخلاق ط£ظ‡ظ„ظ‡ الكريمة .
فالإسلام هـو دين الفطرة ، وهو دين العدالة والأخلاق ،
ودين القوة ، ودين النشاط، ودين المواساة ، ودين كـل
فضيلة .
فطالب العلــم الــذي يسيــر علــى بصيرة يعـــرف الأدلـة
الشرعية ، ويعرف أحكام الإسلام ، ويعمل بهـا ، مرفوع
الرأس أينما كـان ، ومحترم أينما حل ، ولاسيمــا بيـــن
جماعته وأهل بلده ، إذا عــرفوا منـــــه ط§ظ„ط¹ظ„ظ… والنصح ،
والصدق وعدم العجلة التي ليس لها ما يبررها ، بـــــل
يكون طبيباً حكيماً ، يدعو إلى الله بالحكمة والرفق .
فهذا مرفوع الرأس ومحترم أينما كان في قرية أو قبيلة
أو غير ذلك، إذا كان متخلقاً بالعلم قولاً وعملاً ، مبتعداً
عن أخلاق الفساق والمجرمين .
فإن هذا وأمثاله محبوب عند الله وعند عباده الصالحين،
مـا دام يعلم ويعمل ، وينصح إخوانه ، ويعطف عليهم ،
ويحرص على نفعهم بعلمه وأخلاقه وماله وجاهه ؛
كما فعل الأنبياء والصالحون .
والقــول بأن طالب العلــم لا محل لـــه فـــي المجتمــع ،
ولا يلتفت إليه ، قول في عمومه باطل ، غيــــر موافق
للواقع كما بينّا .
فطالب ط§ظ„ط¹ظ„ظ… البصير بدينه ، الناصح لله ولعباده ، مرفوع
الرأس ، ومحترم أينما كــان ؛ في الطائرة وفي القطار ،
وفي البر والبحر، وفي أي مكان ، إذا أخلص لله، وأظهر
العلم والدعوة إلى الله ، وأحســـــن إلــى النــاس بالرفق
والكلام الطيب ، فلـه البشرى والعاقبة الحميدة ، والثناء
الحسن من المجتمع ، والأجر العظيم من الله عـــز وجل
كمـــا قال تعالى ( قَالُواْ أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ
وَهَــــــذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ
اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) يوسف90 ، وكمــا قــال
سبحانـه ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ
لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) العنكبوت69، وقال جـل وعلا يخاطب
نبيه محمداً صلى الله عليـه وسلم ( فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ
لِلْمُتَّقِينَ )هود49 ، والآيات في هذا المعنى كثيرة .
ثم لو قدر أن بعض الدعاة إلى الله لم يحصل مطلوبه، بل
أوذي وامتحن ، أليس لـه قدوة فـي الرسل الـذيــن أوذوا
وامتحنوا ، وأهانهم الناس ، بل قتلوا بعضهم ؟ فلطالب
العلم أسوة فيهم عليهم الصلاة والسـلام وفــي تحملهم
وصبرهم .
ولـو فرضنا أن طالب ط§ظ„ط¹ظ„ظ… ما وجد الاحترام بين الناس ،
فإن ذلك لا يضره؛ لأنه لم يطلب ط§ظ„ط¹ظ„ظ… لهذا ، وإنمـا طلب
العلم ؛ لإنقاذ نفسه من الجهالة ، ولإخراج النـــاس مـن
الظلمات إلى النور ، فإن قبلوا منـــه ، ورفعوا مكانته ؛
فالحمد لله ، وإلا فهو على خير ، ولو قتلوه أو أهانوه ،
فله أسوة بالرسل عليهــم الصــــلاة والسـلام وبخاتمهم
محمد صلى الله عليـه وسلم فقد أوذي وأخرج من بلاده
مكة إلى المدينة .
فالداعي إلـى الله سبحانـــه الصادق المخلص له البشرى
بالخير والعزة والكرامة وحسن العاقبة، إذا سلك الطريق
السوي ، وكان على خلق عظيم ، وهدى وسيرة حميدة ،
مــن غير عنف ولا شدة ، ولا دخول فيما لا يعنيه ، فإنه
على خير عظيم ، كمــا حصـــل للأنبياء والرسل عليهم
الصــلاة والســـلام ولخاتمهم وأفضلهم ، وإمام الدعاة
والمجاهدين نبيـنـا محـمد صـلى الله عليـه وسلــم ثـم
ما حصل للتابعين لهم بإحسان ، والله ولي التوفيق .