التصنيفات
اسلاميات

من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين في الاسلام



‏ ‏حدثنا ‏ ‏سعيد بن عفير ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏ابن وهب ‏ ‏عن ‏ ‏يونس ‏ ‏عن ‏ ‏ابن شهاب ‏ ‏قال قال ‏ ‏حميد بن عبد الرحمن ‏ ‏سمعت ‏ ‏معاوية ‏ ‏خطيبا يقول ‏
‏سمعت النبي ‏ ‏صلى ط§ظ„ظ„ظ‡ عليه وسلم ‏ ‏يقول ‏ ‏من يرد ط§ظ„ظ„ظ‡ به ط®ظٹط±ط§ ‏ ‏يفقهه في ط§ظ„ط¯ظٹظ† وإنما أنا قاسم والله يعطي ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر ط§ظ„ظ„ظ‡ لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر ط§ظ„ظ„ظ‡

فتح الباري بشرح صحيح البخاري


‏قَوْله : ( حَدَّثَنَا سَعِيد بْن عُفَيْر ) ‏
هُوَ سَعِيد بْن كَثِير بْن عُفَيْر , نُسِبَ إِلَى جَدّه , وَهُوَ بِالْمُهْمَلَةِ مُصَغَّرًا . ‏

‏قَوْله : ( عَنْ اِبْن شِهَاب ) ‏قَالَ حُمَيْدٌ فِي الِاعْتِصَام : لِلْمُؤَلِّفِ مِنْ هَذَا الْوَجْه : أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ . وَلِمُسْلِمٍ : حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف , زَادَ تَسْمِيَة جَدّه ‏

‏قَوْله : ( سَمِعْت مُعَاوِيَة ) ‏هُوَ اِبْن أَبِي سُفْيَان . ‏

قَوْله : ( خَطِيبًا ) ‏
هُوَ حَال مِنْ الْمَفْعُول , وَفِي رِوَايَة مُسْلِم وَالِاعْتِصَام . " سَمِعْت مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان وَهُوَ يَخْطُب " . وَهَذَا الْحَدِيث مُشْتَمِل عَلَى ثَلَاثَة أَحْكَام : أَحَدهَا فَضْل النَّفَقَة فِي الدِّين . وَثَانِيهَا أَنَّ الْمُعْطِي فِي الْحَقِيقَة هُوَ اللَّه . وَثَالِثهَا أَنَّ بَعْض هَذِهِ الْأُمَّة يَبْقَى عَلَى الْحَقّ أَبَدًا . فَالْأَوَّل لَائِق بِأَبْوَابِ الْعِلْم . وَالثَّانِي لَائِق بِقَسْمِ الصَّدَقَات , وَلِهَذَا أَوْرَدَهُ مُسْلِم فِي الزَّكَاة , وَالْمُؤَلِّف فِي الْخُمُس . وَالثَّالِث لَائِق بِذِكْرِ أَشْرَاط السَّاعَة , وَقَدْ أَوْرَدَهُ الْمُؤَلِّف فِي الِاعْتِصَام لِالْتِفَاتِهِ إِلَى مَسْأَلَة عَدَم خُلُوّ الزَّمَان عَنْ مُجْتَهِد , وَسَيَأْتِي بَسْط الْقَوْل فِيهِ هُنَاكَ , وَأَنَّ الْمُرَاد بِأَمْرِ اللَّه هُنَا الرِّيح الَّتِي تَقْبِض رُوح كُلّ مَنْ فِي قَلْبه شَيْء مِنْ الْإِيمَان وَيَبْقَى شِرَار النَّاس فَعَلَيْهِمْ تَقُوم السَّاعَة . وَقَدْ تَتَعَلَّق لِأَحَادِيث الثَّلَاثَة بِأَبْوَابِ الْعِلْم – بَلْ بِتَرْجَمَةِ هَذَا الْبَاب خَاصَّة – مِنْ جِهَة إِثْبَات الْخَيْر لِمَنْ تَفَقَّهَ فِي دِين اللَّه , وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُون بِالِاكْتِسَابِ فَقَطْ , بَلْ لِمَنْ يَفْتَح اللَّه عَلَيْهِ بِهِ , وَأَنَّ مَنْ يَفْتَح اللَّه عَلَيْهِ بِذَلِكَ لَا يَزَال جِنْسه مَوْجُودًا حَتَّى يَأْتِي أَمْر اللَّه , وَقَدْ جَزَمَ الْبُخَارِيّ بِأَنَّ الْمُرَاد بِهِمْ أَهْل الْعِلْم بِالْآثَارِ , وَقَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل : إِنْ لَمْ يَكُونُوا أَهْل الْحَدِيث فَلَا أَدْرِي مَنْ هُمْ , وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض : أَرَادَ أَحْمَد أَهْل السُّنَّة وَمَنْ يَعْتَقِد مَذْهَب أَهْل الْحَدِيث , وَقَالَ النَّوَوِيّ : مُحْتَمَل أَنْ تَكُون هَذِهِ الطَّائِفَة فِرْقَة مِنْ أَنْوَاع الْمُؤْمِنِينَ مِمَّنْ يُقِيم أَمْر اللَّه تَعَالَى مِنْ مُجَاهِد وَفَقِيه وَمُحَدِّث وَزَاهِد وَآمِر بِالْمَعْرُوفِ وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاع الْخَيْر , وَلَا يَلْزَم اِجْتِمَاعهمْ فِي مَكَان وَاحِد بَلْ يَجُوز أَنْ يَكُونُوا مُتَفَرِّقِينَ . قُلْت : وَسَيَأْتِي بَسْط ذَلِكَ فِي كِتَاب الِاعْتِصَام إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى . ‏

‏ ‏قَوْله : ( يُفَقِّههُ ) ‏أَيْ : يُفَهِّمهُ كَمَا تَقَدَّمَ , وَهِيَ سَاكِنَة الْهَاء لِأَنَّهَا جَوَاب الشَّرْط , يُقَال فَقُهَ بِالضَّمِّ إِذَا صَارَ الْفِقْه لَهُ سَجِيَّة , وَفَقَهَ بِالْفَتْحِ إِذَا سَبَقَ غَيْره إِلَى الْفَهْم , وَفَقِهَ بِالْكَسْرِ إِذَا فَهِمَ . وَنَكَّرَ " خَيْرًا " لِيَشْمَل الْقَلِيل وَالْكَثِير , وَالتَّنْكِير لِلتَّعْظِيمِ لِأَنَّ الْمَقَام يَقْتَضِيه . وَمَفْهُوم الْحَدِيث أَنَّ مَنْ لَمْ يَتَفَقَّه فِي الدِّين – أَيْ : يَتَعَلَّم قَوَاعِد الْإِسْلَام وَمَا يَتَّصِل بِهَا مِنْ الْفُرُوع – فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْر .
وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى حَدِيث مُعَاوِيَة مِنْ وَجْه آخَر ضَعِيف وَزَادَ فِي آخِره : " وَمَنْ لَمْ يَتَفَقَّه فِي الدِّين لَمْ يُبَالِ اللَّه بِهِ " وَالْمَعْنَى صَحِيح ; لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَعْرِف أُمُور دِينه لَا يَكُون فَقِيهًا وَلَا طَالِب فِقْه , فَيَصِحّ أَنْ يُوصَف بِأَنَّهُ مَا أُرِيدَ بِهِ الْخَيْر , وَفِي ذَلِكَ بَيَان ظَاهِر لِفَضْلِ الْعُلَمَاء عَلَى سَائِر النَّاس , وَلِفَضْلِ التَّفَقُّه فِي الدِّين عَلَى سَائِر الْعُلُوم . وَسَيَأْتِي بَقِيَّة الْكَلَام عَلَى الْحَدِيثَيْنِ الْآخَرَيْنِ فِي مَوْضِعهمَا مِنْ الْخُمُس وَالِاعْتِصَام إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى . وَقَوْله : " لَنْ تَزَالَ هَذِهِ الْأُمَّة " يَعْنِي بَعْض الْأُمَّة كَمَا يَجِيء مُصَرَّحًا بِهِ فِي الْمَوْضِع الَّذِي أَشَرْت إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى . ‏


لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.