التصنيفات
الأدب العام

اب يهتدي على يد ابنه………………………………. مكرر . نقل . ادب


قصة وعبرة : اللهم إنا نسألك الهداية

يقول صاحب القصة ، وهو من أهل المدينة النبوية : أنا شاب في السابعة و
الثلاثين من عمري ، متزوج ، ولي أولاد.

ارتكبت كل ما حرم الله من الموبقات . أما الصلاة فكنت لا أؤديها إلا في
المناسبات فقط مجاملة للآخرين , والسبب أني كنت أصاحب الأشرار والمشعوذين
, فكان الشيطان ملازماً لي في أكثر الأوقات .

كان لي ولد في السابعة من عمره , أسمه مروان , أصم أبكم , لكنه كان
قد رضع الإيمان من ثدي أمه المؤمنة .

كنت ذات ليلة أنا وابني مروان في البيت , كنت أخطط ماذا سأفعل أنا
والأصحاب , وأين سنذهب .

كان الوقت بعد صلاة المغرب , فإذا ابني مروان يكلمني ( بالإشارات المفهومة
بيني وبينه ) ويشير لي : لماذا يا أبتي لا تصلي ؟! ثم أخذ يرفع يده إلى
السماء , ويهددني بأن الله يراك .. وكان أبني في بعض الأحيان يراني وأنا
أفعل بعض المنكرات , فتعجبت من قوله . وأخذ ابني يبكي أمامي , فأخذته
إلى جانبي لكنه هرب منى , وبعد فترة قصيرة ذهب إلى صنبور الماء وتوضأ
, وكان لا يحسن الوضوء لكنه تعلم ذلك من أمه التي كانت تنصحني كثيراً ولكن
دون فائدة , وكانت من حفظة كتاب الله .

ثم دخل على ابني الأصم الأبكم , وأشار إلي أن انتظر قليلاً .. فإذا به يصلي
أمامي , ثم قام بعد ذلك وأحضر المصحف الشريف ووضعه أمامه وفتحه مباشرة
دون أن يقلب الأوراق , ووضع أصبعه على هذه الآية من سورة مريم : (( يا
أبتِ إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا )) ثم أجهش
بالبكاء , وبكيت معه طويلاً فقام ومسح الدمع من عيني , ثم قبل رأسي ويدي
, وقال لي بالإشارة المتبادلة بيني وبينه ما معناه : صل يا والدي قبل أن
توضع في التراب , وتكون رهن العذاب .. وكنت ( والله العظيم ) في دهشة
وخوف لا يعلمها إلا الله , فقمت على الفور بإضاءة الأنوار البيت جميعها ,
وكان ابني مروان يلاحقني من غرفة إلى غرفة , وينظر إليّ باستغراب , وقال
لي : دع الأنوار , وهيا إلى المسجد الكبير – ويقصد الحرم النبوي الشريف
– فقلت له : بل نذهب إلى المسجد المجاور لمنزلنا .

فأبى إلا الحرم النبوي الشريف , فأخذته إلى هناك , وأنا في خوف شديد لا
يفارقني…

ودخلنا الروضة الشريفة , وكانت مليئة بالناس , وأقيم لصلاة العشاء ,
وإذا بإمام الحرم يقرأ من قول الله تعالي : (( يا أيها الذين آمنوا
لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء
والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحدِ أبداً ولكن
الله يزكي من يشاء والله سميع عليم )) {النور : 21 }

فلم أتمالك نفسي من البكاء , ومروان بجانبي يبكي لبكائي , وفي أثناء
الصلاة أخرج مروان من جيبي منديلاً ومسح به دموعي , وبعد انتهاء الصلاة
ظللتُ أبكي وهو يسمح دموعي , حتى أنني جلست في الحرم مدة ساعة كاملة
, حتى قال لي أبني مروان : خلاص يا أبي , لا تخف … فقد خاف على من شدة
البكاء .

وعدنا إلى المنزل , فكانت هذه الليلة من أعظم الليالي عندي , إذ
ولدت فيها من جديد وحضرت زوجتي , وحضر أولادي , فأخذوا يبكون جميعا
ً وهم لا يعلمون عن شيئاً مما حدث , فقال لهم مروان : أبي صلي في الحرم
ففرحت زوجتي بهذا الخبر إذ هو ثمرة تربيتها الحسنة , وقصصت عليهم ما جرى
بيني وبين مروان , وقلت لها : أسألك بالله , هل أنت أوعزت له أن يفتحه
المصحف على تلك الآية ؟ فأقسمت بالله ثلاثاً أنها ما فعلت ثم قالت لي :
احمد الله على هذه الهداية . وكانت تلك الليلة من أروع الليالي . وأنا
الآن – والله الحمد – لا تفوتني صلاة الجماعة , وقد هجرت رفقاء السوء جميعا
ً , وذقت طعم الإيمان .. فلو رأيتني لعرفت ذلك من وجهي . كما أصبحت
أعيش في سعادة غامرة وحب وتفاهم مع زوجتي وأولادي وخاصة أبني مروان
الأصم الأبكم الذي أحببته كثيراً , كيف لا وقد كانت هدايتي على يديه .


لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.