السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
لكل داء دواء ، ولكل مشكلة حل …
وأولى خطوات العلاج البوح بالمشكلة .. البوح مع النفس إذا قدرت على الحل .. أو البوح إلى الأمين الصادق ..
وهذه نافذة نفتحها لنبوح بما في دواخلنا ..
وقد اخترت من ركن الاستشارات بعض الرسائل ، فلنقرأ مع بعضنا بوح قلوبنا :
———————————————————————
السلام عليكم
نحن عائلة متوسطة الحال ولقد تمت خطبتي انا واخواتي وبعد ذلك بدات امي بالتغير التام ، اصبحت تحب المال ولا أدري كيف اتصرف وكل مرة نتفاجأ بطالبتها الغريبةمنا نحن الثلاثة الاخوات ، وبدأ التفكير الاناني منها وبالذات مني انا لان خطيبي ……. ، وأريد التحدث لها بأنني لا أستطيع طلب المال منه بكثرة لأنه ليس غنياً جدا . بالله عليكم دلوني
اختكم (….)
بسم الله الرحمن الرحيم
أختي الكريمة (….)
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
بداية أسأل الله تعالى أن يبارك لك في زوجك وأن يبارك له فيك وأن يجمع بينكما على خير .. وأن يوفقكما للعيش الرغيد والعمل الصالح والهُدى والرشاد ، اللهم آمين .
رسالتك الكريمة حملتْ لي بعض الدلالات ، وإن كان غاب عني كثير منها ، ولكني سأتكلم من خلال ما لاح لي من رسالتك ..
لحظتُ بأنكن ثلاث أخوات ، ولم تذكري لي بأن عندكِ أخوة ذكور ..
لحظتُ أيضاً في رسالتك أنكن أنتن الثلاث قد خطبتن في فترات متقاربة ، وأنكن ما زلتن مع الوالدة في البيت ..
ألمس أيضاً بأن الوالد غير حاضر …
المهم هنا أن تلحظي أمراً مهماً ..
أنت الآن على أعتاب تكوين بيت وأسرة ، وسيرزقك الله تعالى بأولاد ، حينها ستشعرين بحب الوالدة لولدها ..
تخيلي معي ..
الأم تتحمل أعباء الحمل والولادة وآلامها والرضاعة … وترى في صغيرها عالمها الذي تحلم به ، وتراه يكبر ويترعرع فتكبر معه أحلامها وآمالها فيه ، ترعاه وتسهر لسهره وتمرض لمرضه وتبذل زهرة حياتها مراعية له ومربية له .. وتمر السنوات وهي على أمل تراقبها وترى ولدها أو ابنتها تشب وتكبر .. حتى إذا ما وصل الولد أو البنت إلى سن الزواج .. هنا تتحرك العاطفة في قلوب بعض الأمهات ..
وهنا بيت القصيد ..
إن ما ألحظه أن أمك قد لحظت اهتمامك أنت وأخواتك بأزواجكن .. ترى بأنكِ أكثر سعادة حينما يرن جرس الهاتف من زوجك .. تراكِ أكثر سعادة وأنت تخرجين معه وتضحكين معه ..
وفي المقابل ترى بأنكِ وأخواتكِ لا تجلسن معها كثيراً ولا تتكلمن معها كثيراً ..
إضافة إلى أنكن قد خطبتن في فترة متقاربة وستغادرن البيت في فترة واحدة تقريباً ، وستبقى الأم لوحدها ..
إن الأم في هذه الحالة تحس بأن هناك من أخذ فلذة كبدها منها ، وتحس بأن ابنتها قد تنكرتْ لها وأنها نسيتْ تعبها عليها وسهرها من أجلها وما لاقته من شدة في الحمل والولادة والتربية ..
إن تَصَرَّفَ أمك دافعُه الغيرة .. نعم الغيرة من هذا الغريب الذي جاء ليأخذ زهرة حياتها ومن سهرت الليالي لأجل أن تربيها وتكبَّرها …
ترى بأن ابنتها أصبحت الآن في شغل عنها بسبب هذا الغريب ..
أنا هنا أصور لك ما يعتمل داخل نفس أمك لأجل أن تتبيني الموقف ولأجل أن تعذري أمك في تصرفاتها ، ولأجل أن أقف وإياك على حل بإذن الله تعالى ..
وأنت يا أختي …. حينما ترزقين بأولاد ويكونون في سن الزواج ستشعرين بشعور أمك ..
إذن المشكلة ليست في أنانية الأم -وهذا اتهام خطير فلا يمكن للأم أن تكون أنانية وهي صاحبة الفضل بعد الله على ولدها وبنتها- ،
إنما المشكلة في العاطفة التي سيطرت على أمك عندما أحست بأن بناتها الثلاث فلذات كبدها وروحها وحياتها سيغادرنها ويتكرنها ..
هي سعيدة جداً وهي تراكن قد أصبحتن على مشارف تكوين بيت وأسرة ، ولكنها لا تنفك عن عاطفتها وألمها بفراقكن ..
إن ما تقوم به أمك إنما هو إشعار بالوجود ، بمعنى أنها من خلال تصرفاتها معكن تقول : أنا هنا .. أنا أولى لكن من أزواجكن .. أنا من تعبت وربيت .. وهكذا ..
لو ركزتِ يا أختي النظر في تصرفات أمك لوجدتِ صدق ما أقوله .. ولعل أقرب ما يبين ذلك بأنها ما تغيرتْ إلا بعد أن تمتْ خطبتكن ..
ومن هنا فلا بد لك ولأخواتك من ملاحظة ذلك ..
نعم .. بعد الزواج فإن حق الزوج على زوجته أعظم من حق أمها عليها ، ولكن لا بد من حفظ حق الأم ولا بد من مراعاة شعورها ، وقد جاء في الحديث الشريف الوصية بالأم ثلاثاً ، وقرن الله تعالى حقه في العبادة بحق الوالدين : { وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً} .. بل حتى لو كان أحد الوالدين مشركاً أو كافراً فإنه لا يجوز للابن أن يعقه .. { وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً} ..
إن اتفقتِ معي على ما ذكرتُه فستقولين : ما الحل ؟
أقول الحل : تقربي أنت وأخواتك من أمك أكثر وأكثر .. كونوا معها ، كلموها عن رأيها في كل ما تريدون فعله – طبعاً هناك أمور خاصة بينكم وبين أزواجكم لا ينبغي أن يطلع عليها أحد – ، حاولوا أن تتذكروا معها أيام صباكم ، حاولوا دائماً بأن تذكروها بأنها هي الخير والبركة وأنكم لن تنسوا فضلها عليكم وتعبها عليكم .. أكثروا من إهدائها الهدايا المحببة إلى نفسها ، أكثروا من الكلمات التي تدل على مدى حبكن لها واعترافكن بعظيم فضلها عليكن ..، شاركوها في أعمالها وأعبائها المنزلية وغيرها ..
ما رأيك لو عملتِ مع أخواتك مفاجأة لها عبارة عن حفلة بسيطة ؟!! ..
نعم قلب الأم كبير ، ولكن العاطفة أحياناً تسيطر عليه وتتمكن الغيرة منه ..
إن كلمة منكِ وأنتِ في عملك مثلاً لأمك لتقولي لها : اشتقت لك يا أمي .. كفيلة بأن تغير كثيراً مما في نفسها ..
إن رسالة معطرة تضعينها لها على مخدتها سيكون لها بإذن الله تعالى الأثر البالغ ..
يبقى عندنا زوجك ، وأقول لك : صارحي زوجك بأمر أمك ، أخبريه بصعوبة المرحلة التي تمر بها أمك ، واطلبي منه أن يتقرب منها ليكون ابناً لها ويشعرها بأنها في منزلة أمه …
هذا ما أنصحك به الآن ..
وثقي أختي ، بأنه إذا التزم الإنسان بطاعة الله تعالى والبعد عما حرم عليه ، وأحسن سلوكه مع الناس خصوصاً والديه ، ولزم دعاء الله تعالى له ولزوجه وأولاده ومن يحب التوفيق .. ثقي بأن الله لن يضيع عمله ولن يتركه فقد جاء في الحديث الصحيح : ((احفظ الله يحفظك)) .
ولا تنسي أن تسألي أمك الدعاء لك بالتوفيق ، فدعوة الوالدين مجابة ..
أسأل الله لك التوفيق والعيش الرغيد ،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..