يا ابنتي أنا رجل قد فارق الشباب , و ودع أحلامه وأوهامه , ثم أني سحت في البلدان ولقيت الناس وخبرت الدنيا فاسمعي مني كلمة صحيحة صريحة من سني وتجاربي لم تسمعيها من غيري ,,,,
لقد كتبنا ونادينا ندعو إلى تقويم الأخلاق ومحو الفساد وقهر الشهوات حتى كلت منا الأقلام وكلت الالسنه وما صنعنا شيئا, ولا أزلنا منكرا ,بل أن المنكرات تزداد والفساد ينتشر والسفور والحسور والتكشف تقوى شرته , وتتسع دائرته ويمتد من بلد لبلد حتى لم يبقى بلد إسلامي (فيما احسب) في نجوه منه , حتى الشام التي كانت فيها الملاءة السابغة وفيها الغلو في حفظ الأعراض وستر العورات وقد خرج نساؤها سافرات حاسرات كاشفات السواعد والنحور …
ما نجحنا وما أظن أننا سننجح أتدرين لماذا ؟؟ .
لأننا لم نهتدي إلى اليوم إلى باب الإصلاح ولم نعرف طريقه..
إن باب الإصلاح أمامك أنتي يا ابنتي ومفتاحه بيدك فإذا أمنت أنت على دخوله صلحت الحال , صحيح أن الرجل هو الذي يخطو الخطوة الأولى في طريق الإثم لا تخطوها المرأة أبدا , ولكن لولا رضاك ما أقدم, ولولا لينك ما اشتد , أنت فتحت له وهو الذي دخل , قلت للص تفضل !! فلما سرقك اللص صرخت أغيثوني !!… ولو عرفت أن الرجال جميعهم ذئاب وأنت النعجة لقررت الفرار , ولو ذكرت أنهم جميعا لصوص لاحترست منهم احتراس الشحيح من اللص . وإذا كان الذئب لا يريد من النعجة إلا لحمها فالذي يريده الرجل اعز عليك من اللحم على النعجة , وشر عليك من الموت عليها: عفافك الذي به تشرفين وبه تفخرين وبه تعيشين , وحياة البنت البنت التي فجعا الرجل بعفافها اشد بمائة مره من الموت على النعجة التي فجعها الذئب بلحمها ..
أي والله وما رأى شاب فتاة إلا جردها بخياله من ثيابها ..
أي والله احلف لك مرة ثانية , ولا تصدقي ما يقوله الرجال من أنهم لايرون من البنت إلا خلقها وأدبها وأنهم يكلمونها كلام الرفيق و يودونها ود الصديق كـــــــــــــــــــــذب ..
فوالله لو سمعت أحاديث الشباب في خلواتهم لسمعت مهولا مرعبا , وما يبتسم لك الشاب بسمة ولا يلين لك كلمة ولا يقدم لك خدمة إلا وهي عنده تمهيد لما يريد أو هي إيهام لنفسه أنها تمهيد ..
وماذا بعد ؟ ماذا يا بنتي ؟ فكـــــــــري !!
تشتركان في لذة ساعة ثم ينسى هو وتظلين أنت أبدا تتجرعين غصصها يمضي خفيفا يفتش عن مغفلة أخرى يسرق منها عرضها وينوء بك أنت ثقل الحمل في بطنك والهم في نفسك والوصمة على جبينك ,, يغفر له هذا المجتمع الظالم ويقول : شاب ظل ثم تاب .
وتبقين أنت في حمأة الخزي والعار طوال حياتك لا يغفر لك المجتمع ابدااااااا ..
ولو انك إذا لقيته نصبت له صدرك وزويت عنه ببصرك وأريته الحزن و الإعراض .. فإذا لم يصرفه عنك هذا الصد أو بلغت به الوقاحة أ ن ينال منك بلسان أو يد , نزعت حذائك من رجلك , ونزلت به على رأسه , لو أنك فعلت هذا لرأيت من كل من يمر في الطريق عوناً لك عليه , ولما جرؤ بعدها فاجر على ذات سوار ,ولجاءك _إن كان صالحاً_تائبا مستغفراً , يسأل الصلة بالحلال : جاءك يطلب الزواج ..
والبنت مهما بلغت من المنزلة والغنى والشهرة والجاه , لا تجد أملها الأكبر وسعادتها إلا في الزواج ,, في أن تكون زوجة صالحة وأما مرموقة وربة بيت ,, سواء في ذلك الملكات والأميرات وممثلات هوليود ذوات الشهرة والبريق الذي يخدع كثير من النساء , وأنا أعرف أديبتين كبيرتين في مصر والشام , أديبتين حقاً جمع لهما المال والمجد الأدبي ولكنهما فقدتا الزوج ففقدتا العقل وصارتا مجنونتين ,, ولا تحرجوني بسؤالي عن اسميهما لأنها معروفة . الزواج أقصى أماني المرأة ولو صارت عضوه برلمان وصاحبة سلطان , والفاسقة والمستهترة لا يتزوجها أحد , وحتى الذي يغوي البنت الشريفة بوعد الزواج , إن هي غوت وسقطت , تركها وذهب إذا أراد الزواج , فتزوج غيرها من الشريفات , لأنه لا يرضى أن تكون ربة بيته وأم بنته امرأة ساقطة ..
هذي رساله من الشيخ الطنطاوي رحمه الله الى البنات [/align]