أسطورة بيت الأشباح بين الحقيقة والخيال
بارون قاسي وطبعه غريب + حوادث موت غريبة + قصر ضخم بسراديب سرية = قصة رعب (حاجة تخوف)
هو مين ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† إمبان؟
في نهاية القرن التاسع عشر، بالتحديد بعد عدة سنوات من إفتتاح قناة السويس، رست على شاطئ القناة سفينة كبيرة قادمة من الهند، وكان على متن هذه السفينة مليونير بلجيكي يدعى "إدوارد إمبان."
كان "إدوارد إمبان" يحمل لقب بارون وقد منحه له ملك فرنسا تقديرا لمجهوداته في إنشاء مترو باريس حيث كان "إمبان" مهندسا متميزا.
وكما كان "إدوارد إمبان" مهندسا نابها، كان أيضاصاحب عقلية اقتصادية فذة، حيث عاد إلى بلاده وأقام عدة مشروعات جلبت له الكثير من الأموال، وكان على رأس تلك المشروعات إنشاؤه بنك بروكسل في بلجيكا.
لم تكن هواية "إدوارد إمبان" الوحيدة هي جمع المال، فقد كان يعشق السفر والترحال باستمرار،ولذلك انطلق بأمواله التي لا تحصى إلى معظم بلدان العالم، طار إلى المكسيك ومنها إلى البرازيل، ومن أمريكا الجنوبية إلى إفريقيا حيث أقام الكثير من المشروعات في الكونغو وحقق ثروة طائلة، ومن قلب القارة السمراء اتجه شرقا إلى بلاد السحروالجمال…. الهند.
وسقط المليونير البلجيكي في غرام الشرق.
عاش "إدوارد إمبان" سنوات طويلة في الهند وعشق الأساطير القديمة حتي كان قراره بالبحث عن مكان تاريخي أقدم ولم يجد أمامه سوى مهد الحضارات القديمة.. أم الدنيا
مصـــــر
وصل ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† "إمبان" إلى القاهرة، ولم تمضِ أيام حتى انطلق سهم الغرام في قلب المليونير البلجيكي.. وعشق الرجل مصر لدرجة الجنون واتخذ قرارا مصيريا بالبقاء في مصر حتى وفاته.. وكتب في وصيته أن يدفن في تراب مصر حتى ولو وافته المنية خارجها!
وكان طبيعيا على من اتخذ مثل هذا القرار أن يبحث له عن مقر إقامة دائم في المكان الذي سقط صريع هواه.. وكان أغرب ما في الأمر هو اختيار ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† "إمبان" لمكان في الصحراء.. بالقرب من القاهرة.
وقع اختيار ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† لهذا المكان باعتباره متاح ما للقاهرة وقريبا من السويس.. ولتمتع المكان بصفاء الجو ونقاء الهواء.. وبالتأكيد لم يكن أحد في هذا الزمن يرى ما يراه الاقتصادي البلجيكي ولا يعرف ما يدور داخل رأسه عن المستقبل.
القصر
بمجرد اختيار المليونير البلجيكي للمكان الذي سوف يشفيه -وهو الطريق الصحراوي شرق القاهرة- عكف ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† "إمبان" على دراسة الطراز المعماري الذي سيشيد به بيته في القاهرة.. ولأن ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† كان مهتما أيضا بفن العمارة فقد اتخذ قرارا بأن يقيم قصرا لا مثيل له في الدنيا كلها.
ولكن بقي اختيار الطراز المعماري مشكلة تؤرق ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† حتى عثر على ضالته المنشودة داخل أحد المعارض الفنية في العاصمة الفرنسية، ففي هذا المعرض وقعت عيناه على تصميم لقصر غاية في الروعة أبدعه فنان فرنسي اسمه "ألكسندر مارسيل".. كان التصميم شديد الجاذبية وكان خليطا رائعا بين فن العمارة الأوروبي وفن العمارة الهندي.
بارون أصيل
تذكر ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† أنه في أثناء إقامته بالهند عندما ألم به مرض شديد كاد يودي بحياته اهتم به الهنود واعتنوابصحته وأنقذوه من الموت المحقق. وتذكر ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† "إمبان" القرار الذي اتخذه أيامهابعد شفائه بأن يبني أول قصوره الجديدة على الطراز الهندي عرفانا منه بالجميل لأهل هذا البلد.
لم يتردد ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† "إدوارد إمبان" للحظة.. اشترى التصميم من "مارسيل" وعاد به إلى القاهرة،وسلم التصميم لعدد من المهندسين الإيطاليين والبلجيك ليشرعوا في بناء القصر على الربوة العالية التي حددها لهم ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† في صحراء القاهرة.
بعد خمس سنوات.. خرجت التحفة المعمارية من باطن الصحراء.
وطلع تحفة
قصر فخم جملت شرفاته بتماثيل مرمرية على شكل أفيال وبهبرج يدور على قاعدة متحركة دورة كاملة كل ساعة ليتيح للجالس به مشاهدة ما حوله فيجميع الاتجاهات. والقصر مكون من طابقين وملحق صغير بالقرب منه تعلوه قبة كبيرة،وعلى جدران القصر توجد تماثيل مرمرية رائعة لراقصات من الهند وأفيال لرفع النوافذالمرصعة بقطع صغيرة من الزجاج البلجيكي وفرسان يحملون السيوف وحيوانات أسطورية متكئة على جدرن القصر. واللافت للنظر أنه تم إنشاء القصر بحيث لا تغيب عنه الشمس.
أشباح ليلية
معظم الأقاويل التي جعلت "قصر البارون" بيتا حقيقيا للرعب تدور حول سماع أصوات لنقل أساس القصر بين حجراته المختلفة في منتصف الليل، والأضواء التي تضيءفجأة في الساحة الخلفية للقصر وتنطفئ فجأة أيضا، وتبلغ درجة تصديق السكان المجاورين للقصر حدا كبيرا، فيصرح بواب إحدى العمارات المواجهة للقصر بأن الأشباح لا تظهر في القصر إلا ليلا، وهي لا تتيح الفرصة لأحد أن يظل داخل القصر مهما كان الثمن.
ويكمل قائلا: إن ما يقال عن وجود الأشباح صحيح، والذي يؤكد ذلك ماحدث في عام 82 حيث شاهد العديد من المارة دخانا ينبعث من غرفة القصر الرئيسية ثم دخل في شباك البرج الرئيسي للقصر، بعدها ظهر وهج نيران ما لبث أن انطفأ وحده دون أن يعمل على إطفائه أحد.
ليه؟؟
يظل هذا السؤال مطروحا لدى كل من سمع عن قصر ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† والشائعات التي تنتشر حوله.. لماذا هذا البناء بالذات؟ ربما كانت حياة ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† التعسة هي أحد أهم الأسباب التي زادت من قصص الأرواح التي تناقلها الناس لمائة عام.
فقد ولد ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† "إمبان" بعرج ظاهر في قدميه هذا بالإضافة إلى كونه مريضابالصرع، وكثيرا ما كانت تنتابه النوبات الصرعية فيقع في حديقة قصره ويطلع عليه الطباح وكلبه يقف بجانبه إلى أن يفيق، فالبارون لفرط صرامته لم يكن يستطيع أحد من الخدم الاقتراب منه إلا بأمره، حتى لو كان ملقى على الأرض فاقد الوعي. ولكن هذافيما يخص ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† فماذا عن القصر؟
الغرفة المسحورة
السبب في الغموض الذي يحيط بالمنزل أنه يوجد في القصر غرفة حرّم "البارون إمبان" دخولهاحتى على ابنته وأخته البارونة "هيلانة" وهي الغرفة الوردية ببدروم القصر، وهذه الغرفة تفتح أبوابها على مدخل السرداب الطويل الممتد لكنيسة البازيليك والتي دفن فيها ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† بعد موته.
ولنتخيل غموض ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† وغموض كل ما يحيطه.. ما علينا سوى أن نحسب المسافة بين قصر ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† وكنيسة البازيليك الواقعة في شارع الأهرام بروكسي.
أخت البارون
من الأسباب التي أدت إلى زيادة الغموض هو مقتل أخت "البارون" -البارونة "هيلانة"- بعد سقوطها من شرفة غرفتها الداخلية وقتما كان يدور ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† ببرج القصرناحية الجنوب، وتوقفت القاعدة عن الدوران في تلك اللحظة بعدما هب ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† لاستطلاع صرخات أخته، وكانت هذه هي الشرارة الأولى لقصص الأشباح التي تخرج من غرفة أخت ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† لغرفته الشخصية. وهو ما جعل القصص الشعبية تشير إلى أن روح البارونة "هيلانة" سخطت من تأخر ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† في إنقاذها، وهو ما عطل تروس دوران البرج الدائرالتي لم تدر منذ ذلك الحين حتى موت ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† نفسه عام 1928.
فيما كانت -حسب الأقاويل أيضا- تسمع أصوات مختلفة بعضها شجار وبعضها صراخ للبارون وأخته التي كانت قد ماتت بالفعل ودفنت جثتها في مكان ما بصحراء مصر الجديدة، ومنذ ذلك الحين وأهالي حي مصر الجديدة القدامى يعتقدون أن ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† "إمبان" كان قد نجح بعد وفاة أخته في تحضير روحها للاعتذار عن عدم مبادرته بسرعة إنقاذها بعد سقوطها من غرفتها وربما عد مقبول روح أخته الاعتذار هو الذي أدخله مرحلة اكتئاب فظيعة أدت في النهاية لوفاته.
وبنته كمان
معظمنا سمع عن حكاية "عبدة الشيطان" التي اشتهرت كثيرا في أواخر التسعينيات من القرن الماضي -حوالي عام 97- وذلك عندما اكتشف البوليس ارتياد مجموعة شباب سموا فيما بعد بـ"عبدة الشيطان" لبدروم قصر ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† "إمبان" بمصر الجديدة، لممارسة بعض الطقوس, وقال بعضهم: إن تحالف "بنت ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† مع الشيطان" هو الذي يدعم بشدة طقوسهم هناك، وفيما رأى بعض المراقبين أن قصة "عبدة الشيطان" قصة لم تنشر على حقيقتها، وتظل تفاصيل كثيرة منها مهمة وكذلك فإن ربط قصة "مريام" ابنة ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† "إمبان" بقصة "عبدة الشيطان" لها الكثير من المعاني والدلالات.
واشمعنى مريام؟
"مريام" أصيبت بشلل أطفال بعد ولادتها بفترة، ونظرا لحزم أبيها الشديد وشراسته أحيانا في معاملتها ومعاملة عمتها، أصيبت "مريام" بحالة نفسية معقدة، فكانت تجلس "عندما تنتابها النوبات" لساعات هي الأخرى ببعض غرف السرداب الأسفل بالقصر،وبعد فترة كانت تعود "مريام" لغرفتها وهي متحسنة المزاج، وتقول إنها تكلمت مع صديقلها يريحها كثيرا، وهي القصة التي نسجت فيما بعد أسطورة "عبدةالشيطان".
وبعد مصرع البارونة "هيلانة" كانت تسمع أصوات "أخت" ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† تارةمع ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† نفسه في "بدروم القصر"، وتارة في حديث هادئ إلى حد ما مع "مريام" ابنةالبارون في إحدى غرف مدخل السرداب، لكن "مريام" بعد فترة وجدت ملقاة على وجهها وميتة – دون أن يعرف أحد السبب- في بئر مصعد الإفطار المؤدي للدور العلوي والذي كان يتناول فيه ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† طعامه.
حتى البارون
والذي أكد شائعات الأرواح ورسخها في وجدان الناس أنه بعد موت ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† نفسه، تحولت المرايا المجلدة لحوائط الغرفة الوردية أسفل القصر للون الأحمر الذي يكتشف معظم الزوار المتسللين للقصر أنها دماء.
وحين يرجع الكثير من حراس القصر -الذين يترك معظمهم أماكنهم بعد فترة قليلة في الخدمة– سبب وجود الدماء بالحجرة الوردية للخفافيش التي اتخذت من القصر مقرا لها, يصر الكثيرون على أن الخفاش لا يصطدم بالحوائط، وهو ما يجعل القول بأن دماء الغرفة الوردية ظهرت بعد أن استراحت روح البارونة "هيلانة" وابنة ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† "مريام" بعد موت ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† القاسي الذي سبب المعاناة للأسرة كلها.
بيت أشباح فريد
أدت هذه العوامل كلها إلى وجود اقتراح لمشروع ينويملاك القصر الحصول على موافقة وزارة الثقافة على تنفيذه، ويتضمن هذا المشروع ترميما كاملا للقصر وغرفه، والإبقاء على محتوياته القديمة، مع إضافة مبان جديدة في حديقة القصر الخارجية، خاصة المشروع الجديد، مع تولي شركة عالمية متخصصة في مدن الملاهي وإقامة بيت الأشباح الذي سوف يشمل أيضا السرداب أسفل القصروالذي يبلغ طول طرقه أكثر من 5،2 كيلو متر تنتهي عند حرم كنيسة البازيليك وسط أهم ميادين مصرالجديدة.
وزارة الثقافة من جهتها لم تقدم ردا حول مشروع ملاك القصر في ذلك الوقت، ومع هذا بدأت في الأفق ملامح إنقاذه، بعد أن قررت وزارة الإسكان استرجاعه من ملاكه, وإعادة ترميمه وتحويله إلى متحف قومي برعاية السيدة الأولى "سوزان مبارك".
للغموض ثمن
وخلال الأعوام الثلاثين الماضية زادت اهتمامات الكثيرين من المغامرين بمبنى القصر، وبعضهم كان يفضل إقامة حفلات الشواء أعلى برجه الذي كان يدور يوما ما،لذلك ارتبطت سيرة القصر -غير أي مبنى آخر في القاهرة- بكثير من الظروف التي أضافت حوله هالة من الإثارة والغموض وربما هذا ما يفسر ظهور أكثر من كتاب في السوق يتناول "قصة قصر الأشباح الذي كان يملكه ط§ظ„ط¨ط§ط±ظˆظ† إمبان"..
ويفسر أيضا المحاولات المستمرة لشركات الإنتاج الفنية الأجنبية لعرض مبالغ طائلة للدخول إليه وتصوير بعض مشاهد أفلامها في الداخل..
الأكثر إثارة أن معظم ما طلبت الشركات الأجنبية تصويره داخل القصر كانت مشاهد رعب لأفلام تشبه إلى حد كبير " كونت دراكولا" و"مصاص الدماء" الأمر الذي يشير إلى أن قصة "قصر الرعب" لم تقتصر على المصريين فقط بل امتدت إلى العالم أجمع