السياحة الهادفة
عبدالرحمن صالح العشماوي
هل أصبحت سياحة معظم المسلمين بلا هدف؟
كلا.. إنَّ لها هَدَفاً واضحاً هو الترويح عن النفس، وحسبك به من هَدَفٍ مهم يستحق أنْ يسعى إليه الإنسان، ويعاني في سبيل تحقيقه ما يعاني من مشقة السفر، وخسارة المال، وخسارة الوقت.
عجباً لهذا الجواب! تقول: يكفي أن يكون الترويح هدفاً، ثم تقول: خسارة المال، وخسارة الوقت، ناسياً أنَّ الأهداف المهمَّة تُعَدُّ ربحاً في ذاتها، فلا يُعَدُّ ما صُرف من المال والوقت في سبيل تحقيقها خسارة؟!
قال : كأني بك تستنكر أن يكون الترويح هدفاً مهمَّاً من الأهداف التي يسعى الإنسان إلى تحقيقها؟
قلت : إنَّ الفرق كبير بين الأهداف والوسائل، ومشكلة كثير من الناس أنهم يخلطون بينهما خَلْطاً يقلب الموازين، ويغيِّر وجه الحقيقة، ولو كان الترويحُ هَدَفاً للإنسان لظلَّ يسعى إليه ليل نَهَار، ولو فعل ذلك لتحوَّلت حياته إلى إضاعةٍ للوقت بلا هدف، ولأصبح الناس بلا أعمالٍ نافعةٍ يبنون بها الحياة، ويعمرون بها الأرض التي استخلفهم الله فيها، عمارة روحيَّة صحيحة، ومادّية نافعة
قال : فماذا يكون الترويح إذن؟ وماذا تكون السياحة؟ وكيف تكون ط§ظ„ط³ظٹط§طط© هادفة في نظرك؟
قلت : الترويح وسيلةٌ إلى تجديد العزم والنشاط، وفتح منافذ الهمَّة في العمل من جديد، وهو وسيلة مباحة متاحة، تتحقق بطرق متعددة من بينها السياحة، والسياحة هي الانتقال في أوقاتٍ معيَّنة إلى مواقع معيّنة تتميَّز بخصائص طبيعية، أو تاريخية، أو اجتماعية، أو عمرانية، تجعلها جديرةً بالزيارة لتحقيق المتعة، والترويح الذي يغسل عن النفس أدران التعب والعناء، والسياحة بهذا المعنى العام موجودة منذ القدم، إلا أنها قد تحوَّلت في هذا العصر إلى صناعة خاصَّة، لها أساليبها ومواصفاتها وطرائق التعامل في إطارها، حتى أصبحت مصدراً من مصادر الثروة، ومجالاً من مجالات التجارة المهمة في كثير من بلدان العالم، وغدت المصدر الوحيد للثروة في بعض البلاد، وهنا أصبح موضوع ط§ظ„ط³ظٹط§طط© (مهماً وخطيراً وجديراً بالتوجيه)، وهنا أيضاً تظهر أهمية (السياحة الهادفة) للمسلم الذي يعرف معنى ط§ظ„ط³ظٹط§طط© الحقيقي، ويدرك أنَّ الترويح وسيلةٌ مباحةٌ ما لم يكن مشوباً بما حرَّم الله على عباده من الأقوال والأفعال التي قد تصل بالإنسان إلى ارتكاب كبائر واضحة كشرب الخمر، والزنا، وإضاعة الصلوات، وزيارة مسارح اللهو غير البريء والغناء والرَّقص وما شابهها من الأعمال التي أصبحت لازمة من لوازم ط§ظ„ط³ظٹط§طط© والترويح في كثيراٍ من بلدان العالم.
قال لي أحدهم: لقد زرت بلداً عربياً سياحياً زيارتين، في إحداهما رجعت وأنا أتحدَّث عن مظاهر الفساد المؤسفة، وفي الأخرى رجعت وأنا أتحدَّث عن مظاهر الخير التي رأيتها في مساجد ذلك البلد، ومراكزه الحضارية الجيدة، والثقافية الهادفة.
إن تحويل ط§ظ„ط³ظٹط§طط© إلى رحلة هادفة بزيارة المواقع المهمة البعيدة عن مراكز اللهو التي تضيع الوقت والمال، ولا يتحقق بها الترويح الصحيح، وبلقاء أهل الصلاح الذين يساعدوننا على ترويح بريء، ونساعدهم على ما هم فيه من الخير والصلاح، إنَّ هذا التحويل هو الذي يحقق سياحة هادفة، تسعد صاحبها، وتحول بينه وبين مواقع إضاعة الأموال والأوقات فيما لا يفيد.
إشارة :
إنا على درب الهدى لم نزل
نقرع بالإيمان باب الغد
منقول*[/align]