قصة منقولة تبين قوة المرأة في مواجهة تحدي الرجل وعناده لتنتصر في النهاية .
هل فيكم يا أيتها الصويحبات من تمتلك جرأة وقوة مثلها فتستغني عن أولادها لتكسر إرادة الزوج وعناده ؟ .
هذه قصّة ٌ وقعتْ لرجل ٍ أعرفهُ ، زيّنَ لهُ رِفاقهُ حالَهُ ، ولبّسوا عليهِ حقيقة َ أمرهِ ، فأوهموهُ أنّهُ على حالةٍ من الجمال ِ وتمام ِ الخِلقةِ ، بحيثُ لو رُفعَ في المثال ِ صارَ كأنّهُ توم كروز – من علوج ِ أمريكا – ، ولو دنى ونزلَ في الرّتبةِ فهو في صورةِ رُشدي أباظة إبّان ثورةِ الأبيض ِ والأسودِ في الأفلام ِ ، وأنّهُ فارسُ الأحلام ِ للغواني والعواتكِ ، ولهُ ظرفٌ يُشابهُ ظرفَ نجيبِ الريحانيِّ ، فسرّهُ الأمرُ ، وانطلتْ عليه الحيلة ُ .
ونسيَ صاحبُنا أنَّهُ على هيئةٍ تصلحُ أن يُدعى لهُ فيها بالشفاءِ والتمام ِ، فهو دقيقُ الساقين ِ جداً على طول ٍ فيهما ، وجذعهُ الأعلى لا تعرفُ لهُ حالة ً واحدة ً ! نتوءٌ هنا وحدبٌ هناكَ ، وبينهما أغواراً كثيرة ً ، كأنّما رجلاهُ فرجارٌ – من أدواتِ الهندسةِ – ، ركّبَ فوقها بطاطة ٌ كثيرة ُ التعاريج ِ والتضاريس ِ ، تنتفخُ في جهةٍ ، وتتضائلُ أخرى ، ورأسهُ صعلٌ لا يكادُ يظهرُ لولا ما يُديرهُ عليهِ من لباس ٍ ، ولهُ ضحكة ٌ كأنّها من بقايا حديثِ النمل ِ مع سُليمانَ ، تخرجُ من مخارج ِ الصوتِ ولا تُفهمُ ، فلا تدري أضحكٌ هو أم حديثٌ أم نشيجٌ ، على خفةٍ شيبَ بها دمهُ ، كخفتهِ في عقلهِ .
كانَ صاحبنا في مجلس ٍ تحدّثَ فيهِ ذووهُ عن التعدّدِ ، وأظهروا من العنتريّاتِ ما يُذهلُ الشجعانَ ، ولكنّهم إذا خلو إلى أهليهم تدثّروا بسيرةِ أبي حيّة َ النميريِّ ، جبناً وخوراً ، كعادةِ الرّجال ِ بين ظهراني أزواجِهم صمتٌ ووجلٌ كأنّهم في أرض ِ المحشر ِ، فراقَ لصاحبِنا ذاك الحديثُ ، وزخرفَ لهُ رفاقهُ الأمرَ ، فخرجَ من عندهم وهو عاقدٌ على أن يتزوّجَ بأخرى ، ويُجدّدَ ما كانَ يلتذُّ بهِ في عصر ِ الشبابِ .
ولهُ زوجة ٌ من بني عمّهِ ، رُزقَ منها بسبعةٍ من الأبناءِ ، تُشبلُ عليهِ كما ترعاهم فلا تعدّهُ إلا ابناً ثامناً ، فملَّ منها لكثرةِ ما تحملُ وتضعُ ، وقلبَ لها ظهرَ المجنَّ وقد أحسنتُ لهُ كثيراً ، وقذفَ الشيطانُ في روعهِ أن يأخذَ لها بيتاً يُكنّها وصبيانها ، ويأتيها لِماماً سلاماً أو سؤالاً ، ويخلدَ هوَ إلى الرّاحةِ مع عرسِهِ الجديدةِ ، ففاتحها بالخبر ِ فغضبتْ ولولولتْ ، وصاحتْ صيحة ً بدّدتْ سكونَ البيتِ ، وأقسمتْ عليهِ إنْ فعلَ أن يطلّقها ، ولن تُساكنهُ في بيتٍ أبداً .
فشاورَ رفاقَ المكر ِ والخديعةِ ، فأشاروا عليهِ أن يطلّقها ، ويضعها هي وصبيانَها في بيتٍ ، فيرتاحَ من أمر ِ الصبيةِ ، ويُحمّلَ زوجهُ الكُبرى مشقّة َ الاعتناءِ بهم ، ويتمتّعَ مع زوجهِ الجديدةِ ، فطربَ للرأي وفرِحَ بهِ ، وخرجَ وقد نوى الطلاقَ وأضمرهُ ، فانصرفَ وهو يُقسمُ ليُطلقنّها تأديباً لها وترويضاً ، فدخلَ على زوجهِ – في لحظةٍ من لحظاتِ التجلّي ـ والشرُّ قد صرّحَ عن محضهِ ، وانتفخَ انتفاخة َ البالون ِ وأظهرَ الغضبَ – ولا يُظهرهُ عادة ً إلا في حال ِ الدعةِ – ، وكانَ تسليمهُ عليها طلاقاً ، فرمى في وجهِها كلمة َ الطلاق ِ مع ابتسامةٍ صفراءَ أعقبها بضحكةٍ نمليّةٍ ، وهو لا يشكُّ قطّ أنّها ستخرجُ غضبى ومعها جيشُ الأبناءِ ، ولا تلبثُ أن تهدأ ريحُها ويخفَّ وجدُها ، فتنشغل بهم وتسلو عنهُ .
فتجلّدتِ المرأة ُ لبأس ِ الزوج ِ ، وقابلتِ المكرَ بأضعافهِ ، فأقسمتْ أن تخرجَ ولا يرى وجهها ولا ترى وجههُ ، وتركتْ لهُ الأبناءَ في الدار ِ وانصرفتْ .
وإذا بصاحبِنا يضربُ أخماساً في أسداس ٍ ! ، كيفَ يصنعُ مع هذا الكمِّ من الأبناءِ ؟ ، وهو لا يقدرُ على أن يديرَ حالهُ بنفسهِ ، فكيفَ بسبعةٍ ، حالُ كلِّ واحدٍ منهم تستدعي وصباً ونصباً ! ، وأسقطَ في يدهِ ، وانقلبَ السحرُ على الساحر ِ.
فخرجَ يطرقُ الأبوابَ يبحثُ عن عروس ٍ ، وكلّما سُئلَ عن حالهِ وأخبرَ بسنّهِ وبالسبعةِ الذين معهُ ورأوا شكلهُ ومنظرهُ ، نفرتْ عنهُ النّساءِ نفوراً كبيراً ، وظلَّ على حالهِ هكذا ، يطرقُ فلا يُجابُ إلا بالرفض ِ والامتناع ِ .
فطوّفَ في الآفاق ِ ، وأكثرَ من الجولان ِ والدوران ِ، ولم يجدْ من ملاذٍ لهُ غيرَ زوجهِ الأولى ، فرجعَ إليها ، وطلبَ ودّها ، فرضيتْ بشرطِ أن لا يتزوّجَ عليها ، فوافقَ وهو يسبُّ ويشتمُ في داخلهِ رفاقهُ ، ويقولُ : لا أحياني اللهُ إن أطعتُ أحداً ظ…ظ†ظƒظ… في خير ٍ أو شرٍّ ! ، وأخذ َ يُنشدُ :
رُبَّ يوم ٍ بكيتُ فيهِ فلمّا ********** صِرتُ في غيرهِ بكيتُ عليهِ !