التصنيفات
الأدب العام

وسيول جدة<< رااائعة…‎ ادبيات

قصيدة للـ د. عبد الرحمن العشماوي…

لا تسألوا عن جدَّةَ الأمطارا ** لكنْ سلوا مَنْ يملكون قرارا

لا تسألوا عنها السيولَ فإنها ** قَدَرٌ، ومَنْ ذا يَصْرف الأقدارا؟

لا تسألوا عنها بحيرةَ (مِسْكِهَا) ** فَلِمِسْكِهَا معنىً يؤجِّج نارا

أتكون جدَّةُ غيرَ كلِّ مدينةٍ ** والمسكُ فيها يقتل الأزهارا؟!

لا تسألوا عن جدَّةَ الجرحَ الذي ** أجرى دموعَ قلوبنا أنهارا

لكنْ سلوا عنها الذين تحمَّلوا ** عبئاً ولم يستوعبوا الإنذارا

مَنْ عاش في أغلى المكاتب قيمةً ** وعلى كراسيها الوثيرة دارا

مَنْ زخرف الأثواب فيها ناسياً ** جسداً تضعضع تحتها وأنهارا

لا تسألوا عن بؤسِ جدَّةَ غيرَ مَنْ ** دهَنَ اليدَيْن، وقلَّم الأظفارا

مَنْ جرَّ ثوب وظيفةٍ مرموقةٍ ** فيها، ومزَّق ثوبها وتوارى

وأقام في الساحاتِ أَلْفَ مجسَّمٍ ** تسبي برونق حُسْنها الأبصارا

صورٌ تسرُّ العينَ تُخفي تحتها ** صوراً تثير من الرَّمادِ (شراراً)

أهلاً برونقها الجميل ومرحباً ** لو لم يكن دونَ الوباء سِتارا

لا تسألوا عن حالِ جدَّةَ جُرْحَها ** فالجرح فيها قد غدا موَّارا

لكنْ سلوا مَنْ يغسلون ثيابهم ** بالعطر، كيف تجاوزوا المقدارا

ما بالهم تركوا العباد استوطنوا ** مجرى السيول، وواجهوا التيَّارا

السَّيْلُ مهما غابَ يعرف دربَه ** إنْ عادَ يمَّم دربَه واختارا

فبأيِّ وعيٍ في الإدارة سوَّغوا ** هذا البناء، وليَّنوا الأحجارا؟!

ما زلت أذكر قصةً ل(مُواطنٍ) ** زار الفُلانَ، وليته ما زارا

قال المحدِّث: لا تسلني حينما ** زُرْتُ (الفُلانَ) الفارس المغوارا

ومَرَرْتُ بالجيش العَرَمْرَمِ حَوْلَه ** وسمعتُ أسئلةً وعشتُ حصارا

حتى وصلْتُ إلى حِماه، فلا تسلْ ** عن ظهره المشؤوم حين أدارا

سلَّمتُ، ما ردَّ السلامَ، وإنَّما ** ألقى عليَّ سؤاله استنكارا

ماذا تريد؟ فلم أُجِبْه، وإنَّما ** أعطيتُه الأوراقَ و(الإِشعارا)

ألقى إليها نظرةً، ورمى بها ** وبكفِّه اليسرى إليَّ أشارا

هل كان أبكم – لا أظنُّ – وإنَّما ** يتباكم المتكبِّر استكبارا

فرجعتُ صِفْرَ الرَّاحتَيْن محوقلاً ** حتى رأيتُ فتىً يجرُّ إزارا

ألقى السؤالَ عليَّ: هل من خدمةٍ؟ ** ففرحتُ واستأمنتُه الأسرارا

قال: الأمور جميعها ميسورةٌ ** أَطْلِقْ يديك وقدِّم الدولارا

وفُجِعْتُ حين علمتُ أن جَنَابَه ** ما كان إلا البائعَ السِّمْسارا

وسكتُّ حين رأيتُ آلافاً على ** حالي يرون الجِذْعَ والمنشارا

ويرون مثلي حُفْرةً وأمانةً ** ويداً تدُقُّ لنعشها المسمارا

يا خادم الحرمين، وجهُ قصيدتي ** غسل الدموعَ وأشرق استبشارا

إني لأسمع كلَّ حرفٍ نابضٍ ** فيها، يزفُّ تحيَّةً ووقارا

ويقول والأمل الكبير يزيده ** أَلَقاً، يخفِّف حزنَه الموَّارا

يا خادم الحرمين حيَّاك الحَيَا ** لما نفضتَ عن الوجوه غبارا

واسيتَ بالقول الجميل أحبَّةً ** في لحظةٍ، وجدوا العمارَ دَمَارا

ورفعت صوتك بالحديث موجِّهاً ** وأمرتَ أمراً واتخذت قرارا

يا خادم الحرمين تلك أمانة ** في صَوْنها ما يَدْفَعُ الأَخطارا

الله في القرآن أوصانا بها ** وبها نطيع المصطفى المختارا

في جدَّةَ الرمزُ الكبيرُ وربَّما ** تجد الرموزَ المُشْبِهَاتِ كِثارا

تلك الأمانة حين نرعاها نرى ** ما يدفع الآثام والأوزارا


لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.