——————————————————————————–
العودة الى مرحلة الشباب والصبا التي تختزل في عبارة «ليت الشباب يعود يوما» ليست فقط صعبة المنال، أمنية بل مستحيلة مهما حاول جراحو التجميل إقناعنا. والاستحالة لا تكمن فقط على صعيد ط§ظ„ظ…ط¸ظ‡ط± الخارجي وانما أيضا على صعيد الاحساس الفعلي والعميق بتراكم السنوات.
هذا القول لا يقبل به طبعا من يعتقد أن هناك إكسيرا للشباب وأن ط¹ظ…ظ„ظٹط§طھ التجميل اصبحت تقوم بالمعجزات، متناسين التناقض بين ط§ظ„ظ…ط¸ظ‡ط± الخارجي والمشاعر وتأثير هذا التناقض على النفسية. الملاحظ انه على الرغم من لجوء عدد كبير من النساء الى ط¹ظ…ظ„ظٹط§طھ تجميل تغيّر ملامح وجوههن أو تحاول وقف زحف الزمن، إلا ان الغالبية تنفي خضوعها لها وتصر على أن جمالها طبيعي وأنها تخاف من العمليات لتدعم حجتها، وقلما تعترف بالحقيقة.
غريتا أندراوس هي اللبنانية التي شاهدها الجمهور على شاشة تلفزيون المستقبل في الحلقات الأولى لبرنامج «بيوتي كلينيك» المخصص لاجراء ط¹ظ…ظ„ظٹط§طھ تجميلية لأشخاص يعانون مشكلات نفسية، سببها شكلهم الخارجي. جاء اختيار اندراوس البالغة من العمر 58 عاما نتيجة لواقعية حجتها التي عبرت عنها بمشاعر صادقة وأقنعت أصحاب القرار بهذا البرنامج.
تقول غريتا لـ «الشرق الاوسط»: «بعدما اتخذت خطوة المشاركة في البرنامج، مررت بفترات قلق شديدة بسبب خوفي من نظرة المجتمع اليّ وردة فعل عائلتي. كدت أتراجع عن قراري، لكني تغلبت على هذه الأفكار بإرادتي القوية واصراري على الخروج من الحالة التي وصلت إليها. فقد أهملت نفسي في سبيل الاهتمام بعائلتي، حتى نسيت أنني امرأة بحاجة الى أن تعيش حياتها وتتمتع بكل مراحل عمرها، وكانت النتيجة أني أصبت بالهرم قبل الوقت، وكل من يراني يعتقد اني أبلغ 90 سنة من العمر وليس 58. كنت أتفادى النظر في المرآة لأنها تشعرني بكراهية تجاه نفسي، لذا اتخذت قراري عن اقتناع تام، واخترت أن أعيش عوضا عن ان أموت في كل يوم».
لم تخضع أندراوس لعمليات جراحية واقتصر تحسين مظهرها الخارجي على جلد وجهها وعضلاته من خلال الحقن، اضافة الى زرع أسنان والتخلص من العروق البارزة في يديها. تغييرات غير جذرية لكن كان لها مفعول السحر، فقد استعادت الكثير من رونقها. تقول: «اليوم أبدو وكأنني في الأربعين، كل شيء تغير في حياتي، في السابق لم أكن أقدر على تناول الطعام أو على شراء ملابس، أما الآن فطبيعة غذائي تحسنت بشكل ملحوظ، مما ساهم في تحسين مظهري الخارجي وحبي لنفسي، فأنا الآن أهتم بأن تكوني ملابسي أنيقة وطلتي بهية».
وتؤكد أندراوس على عدم شعورها بأي تناقض بين شكلها الخارجي ونفسيتها مؤكدة: «عدم شعوري بهذا التناقض نابع من روحي المرحة والمتفائلة التي كنت اتمتع بها في شبابي وفقدتها بعدما أهملت نفسي، وهي الروح التي استعدتها. الآن أعيش حياتي بانسجام تام، ولن أسمح لنفسي بالتخلي عن هذا الشعور بعد الآن، فاذا كُتب لي طول العمر سأكرر التجربة نفسها بعد ثلاث سنوات أي بعد انقضاء فعالية العمليات التي خضعت لها». المعالج النفسي الدكتور أنطوان سعد، يعزو اللجوء الى ط¹ظ…ظ„ظٹط§طھ التجميل بعد التقدم في العمر الى السعي للبقاء في مرحلة الشباب وعدم تقبل الواقع، لذا لا يقتنع بمقولة إن تحسين ط§ظ„ظ…ط¸ظ‡ط± الخارجي سببه رغبة شخصية غير مرتبطة بنظرة الآخرين. ويشير إلى أنها وإن صحت في بعض الحالات لا تنطبق على الكل، لا سيما تلك التي تهدف أو يطمح صاحبها لتغيير ملحوظ أو جذري. وعن التناقض بين ط§ظ„ظ…ط¸ظ‡ط± والأحاسيس الناجم عن ط¹ظ…ظ„ظٹط§طھ التجميل وكيفية التأقلم معه، يؤكد سعد «استحالة أن يتصالح المريض مع نفسه في هذه الحالة، ويرى أن التناقض بين الروح الشابة والمظهر الهرم هو الوضع الطبيعي الذي قد يعيشه أي فرد وأفضل بكثير من التناقض الناجم عن مظهر شاب وروح هرمة على الانسان نفسه وعلى محيطه».
ويضيف سعد «من يخط الخطوة الأولى في عالم ط¹ظ…ظ„ظٹط§طھ التجميل فسيصل الى درجة الادمان ولا فرق ان نجح في تجربته أو فشل، لأنه في كلتا الحالتين سيدخل في حلقة مفرغة لا يستطيع الخروج منها، وتكون النتيجة معاناة نفسية سببها عدم قدرته على التحكم في الزمن الذي يبقى المسيطر الدائم، كما ان فشل العملية، التي تشكل الأمل الوحيد، قد يؤدي الى حالات من اليأس المزمن. فعدم تقبل تطور الحياة والمراحل العمرية المختلفة لا يساعدان الانسان، خصوصا المرأة، على العيش بسلام وانسجام مع نفسها ومحيطها، اذا لم تكن هناك مساعدة خارجية، أو في قدرتها على استيعاب مفهوم الزمن وتقبل الذات والتفاعل مع المحيط الخارجي بطريقة إيجابية».
ويشدد الدكتور سعد على ضرورة استشارة معالج نفسي قبل الخضوع لعملية تجميل أيا كان نوعها، حتى يمكن ان يتقبل الشخص التغيير والتعامل معه، والأهم التعامل مع النتيجة إذا لم تكن مرضية،: «قد نتمكن من معالجة المريض وحل المشكلة من دون عملية تجميلية اذا ما كان الطلب غير واقعي، وبعض الحالات المزمنة تتطلب احالتها على طبيب نفسي».
القول بان كل النساء يحلمن أو يجربن ط¹ظ…ظ„ظٹط§طھ التجميل أمر غير صحيح لأن هناك فئة تفضل التمتع بكل مرحلة من عمرها وتعانق خطوط الزمن على انها شهادة حياة وتجارب.
وفاء ضو التي بلغت عقدها السادس واحدة من هذه الفئة، فهي ترفض التفكير فيها. تقول: «أنا مقتنعة بأن لكل مرحلة من الحياة جمالها الخاص شرط معرفة التكيف معها وتقبلها. ولا أحد يستطيع أن يـأخذ عمره وعمر غيره. أعمل دائما للظهور بأبهى حلة وأختار من الموضة فقط ما يلائم سني كي لا أبدو متصابية، فالأناقة لا تقتصر على أشخاص معينين، أو مرحلة دون اخرى». وتشبه ضو التناقض الذي يظهر على المرأة بعد إجراء ط¹ظ…ظ„ظٹط§طھ تجميل كالتي بلغت سن الستين وترتدي ثيابا تلائم فتاة في العشرين. التقدم في العمر لا يعني عدم الاهتمام بالمظهر، بل على العكس يفترض أن يتضاعف لكن بشروط. فأنا مثلا لا أتناول إلا الغذاء الصحي وأكثر من استخدام الخضار والفاكهة سواء في غذائي أو في روتيني الخاص بالعناية بالبشرة، من خلال وصفات تعلمتها ومارستها منذ كنت فتاة صغيرة». ويفيد طبيب التجميل فادي سليلاتي أنه ليس لكل مرحلة احتياجاتها، بل لكل عملية عمرها واحتياجاتها، فالمرأة بين سن الـ 45 والـ 60 تلجأ إلى ط¹ظ…ظ„ظٹط§طھ شد الوجه والجفون والعيون والرقبة والصدر والبطن أي أكثر الأماكن عرضة للترهل في مرحلة متقدمة من العمر، في حين تقبل الفتيات في العشرينات والثلاثينات على ط¹ظ…ظ„ظٹط§طھ ترميم الأنف ونفخ الوجنتين والشفاه وتكبير الصدر.
وبناء على تعامله المباشر والدائم مع زبوناته، يرى سليلاتي أن حجة من تقول انها تقوم بعملية التجميل لإرضاء الذات وليس ارضاء الآخرين هي غير واقعية أو صحيحة، بل هو مجاراة للأخريات ورغبتها في التماثل بهن حتى لا تبقى خارج اللعبة الاجتماعية. وفي الحالات التي تصل فيها المرأة إلى حالة الإدمان، فلا بد حينها من عرضها على طبيب نفسي.