التصنيفات
الأسرة

.. || طفـــ ولة وأنــــ وثة || .. لنت السعودية

طفـــ وأنــــ sama_summer_sig.gif
تبقى الطفولة كنزاً من الدعة والصفاء والطهر والنقاء.

تسحرنا، وتغرينا بفك رموزها وأسرارها.

أصفى من ماء رقراق ينساب على مروة بيضاء، فيشعّ نوراً وبرداً في أرجاء المكان

روح طفلة في الثالثة دائمة التسلل إلى غرفة أمها، تغلق الباب في براءة، معتقدة بأنها في مأمن من والدتها.

ولم تعلم أنها تشير بفعلها ذلك لوجودها في الغرفة. تفعل ذلك لتستمتع بأمر يأسرها، وهو طلاء وجهها بمساحيق التجميل؛ فهي في شغل شاغل مع تلك العلب والألوان والمساحيق.

حتى إذا رأت أنها في تمام زينتها لبست حذاء أمها وتأبّطت حقيبة اليد. ثم دخلت تتمايل مسرورة تسلم على والديها وإخوتها، وقد تعالت ضحكاتهم من مشهدها،

ملونة الوجه، متمايلة المشية، لكنها تبادل تلك الضحكات الساخرة بابتسامة خَجَل تجعلها ترفع شعرها عن وجهها بأنوثة ونعومة طفولية، فتختار جلستها بينهم، واضعة رجلاً على أخرى. ولصغر رجليها لا تسعفانها في الالتفاف؛ فيسقط الحذاء، ويتبعه الآخر ثم الحقيبة.

والأم ترقبها في ذهول؛ إذ كيف لم تجدِ نصيحتها لها بألاّ تستعمل أدوات أمها دون علمها، تعيد الأم النظر لابنتها التي نزلت عن الكرسي لتلبس الحذاء وتعلّق الحقيبة!!
تختلس الحلوة النظر في إصرار أو تحدٍ لأمها، دون رغبة في أن تلحظ أمها نظراتها، وكأنها باتت لا تعرفها، وتتحدث معها وكأنها للوهلة تعرّفت عليها .

في أعماقها شيء من إنكار أمها حتى لا تذكرها بوعودها القديمة في عدم المساس بأغراضها.

تدير الأم أكوب العصير وقطع الكعك على أفراد أسرتها، و الصغيرة تأخذ حصتها، وهي لا تزال تتقمص دور شابة في غاية زينتها، والأم تنظر إليها في أسف على كمية الماكياج الذي استهلكته ابنتها؛ إذ لم يعد (ماكياج) بل عجيناً ملوناً يملأ وجهها الصغير.

تأكل الصغيرة الكعك، فيتلون بأحمر الشفاه، وتلتصق قطع الكعك بشفتيها، تقوم بتناول العصير، فتصبغ حافة الكوب، تتأملها الصغيرة، وتدير الكأس، وتشرب حتى تصطبغ جميع حوافّ الكأس، تنهي عصيرها وتبتسم،

وتناول أمها الكأس سعيدة بذلك تنزل عن مقعدها، وقد تركت الحذاء والحقيبة، وتغادر أخرى لغرفة أمها، والأم ترقبها فإذا هي تعود سريعاً على غير العادة، لم تتغير هيئتها، قد وضعت يديها خلفها، وطأطأت رأسها، وتسترق النظر من بين خصلات شعرها، و تخفي شيئاً.

وحينما مرت بجوار أمها بالغت في إخفاء يديها خلفها، وقالت لأمها بلثغة ليس معي (روج)، وتواصل سيرها، ويداها خلفها، وقد أعطت أمها ظهرها، وبدا أصبع (الروج) واضحاً لا تخفيه أصابعها الصغيرة،

والأم تضحك من أعماقها، وتستمتع بذلك الطهر، وتلك البراءة، تجد أنها لا تحسن توجيهها في تلك الساعة؛ إذ تغيب الأم في تأمّل ذلك الطهر وتلك
البراءة .
دخلت الصغيرة في عجل في غرفة أخرى لم تكن مضاءة، واختبأت خلف الباب تعيد وضع أحمر الشفاه من جديد. أضاءت الأم النور، وتقدمت نحو الصغيرة،

وقالت: أتحبين أن أساعدك في وضع أحمر الشفاه؟

تردّدت الصغيرة في بادئ الأمر، لكنها قالت في فرح: حقاً!!

تناولته الأم، ووضعت لأبنتها أحمر الشفاه، وطلبت من ابنتها أن تضعه لها أيضاً، فرحت الصغيرة، وراحت ترسم لأمها، ثم أخذت تصفف شعر أمها بيدها، وتعيد تشكيل تسريحة جديدة لها،

والأم تساعدها في ذلك، والصغيرة سعيدة، وتعلّق: أنت هكذا أجمل يا ماما!!
وتجيبها الأم: وأنت دائماً جميلة يا حلوتي

شعرت الأم بتقصير غير متعمد منها مع ابنتها. وذلك في عدم معالجة الموقف، مما اضطر الصغيرة لاختلاس الماكياج وللاختباء في غرفة بعيداً عن رقابة الأم.

فأدركت حينها أنها إن لم تشارك ابنتها اهتماماتها، حتى وإن كانت تراها بسيطة، فإن البنت ستعتاد على إخفاء بعض الأمور عن أمها، مما قد يعرّضها لتجارب قد لا تستطيع أو لا تحسن التصرف فيها.

فأخذت الأم عهداً على نفسها بأن تسمح لابنتها بمزيد من الحرية،

وباقتناء (ماكياج) يخصها ويناسبها، وبمنح ابنتها من وقتها، ومشاركة ابنتها في لعبها، وعدم الاكتفاء بالمنع والحرمان دون توجيه وإقناع وتفهم لخصائص نمو الأنثى.


المقال للأستاذة بدرية الغنيم ..

ودي لكم ،،

كدش ناعم

طفـــ وأنــــ sama_summer_sig.gif



لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.