سبق- ريزة (تركيا): على ضفاف البحر الأسود استطاعت مدينة صغيرة تقع في شمال تركيا، تسمى"ريزة"، أن تجذب ط¢ظ„ط§ظپ ط§ظ„ط³ط¹ظˆط¯ظٹظٹظ† والعرب، الذين يقدمون خصيصاً لزيارتها، ليس فقط من أجل الاستمتاع بجمال الطبيعة، بل لأخذ "رشفات معدودات" من الشاي.
ويتطلب الوصول إلى "ريزة"، التي ترحب بضيوفها بعبارة كتبت بالعربية تقول: "أهلاً بك في جنة الأرض"، قرابة الساعة ونصف الساعة من مطار إسطنبول الدولي.
ويمثل "الشاي" في المجتمع التركي أهمية حيوية؛ فلا تكاد تخطو خطوة إلا وتجد الشاي يحاصرك من جميع الزوايا، وكأنك في مشهد حرب لا مفر منه البتة؛ إذ يصل عشق الأتراك للشاي حد منافسة شرب الماء، بل ربما يتجاوزه في كثير من الأحيان.
ورغم انتشار شرب الشاي الذي تحول إلى عادة بين الكبار والصغار، إلا أن القلة القليلة تعرف مصدر هيام الأتراك به، والفضل يعود بعد الله إلى مدينة "ريزة" التي يطلقون عليها مدينة "مزارع الشاي"، التي تشاهدها منتشرة بين أطراف الشوارع الرئيسية وسفوح الجبال وسهول الوديان، التي تحولت لشهرتها إلى مناطق جذب سياحية؛ فما إن يطأ السائح، عربياً كان أو أجنبياً، أرضها حتى يتوجب عليه أن ييمم شطره صوب تلك المزارع.
وفي أحد المقاهي العريقة في "ريزة" أخذ مجموعة من السائحين ط§ظ„ط³ط¹ظˆط¯ظٹظٹظ† "استراحة قصيرة" لقضاء لحظات مع "ط´ط§ظٹ ريزة"، وكان من ضمنهم عبد الرحمن نيازي ونجلاه "عبد الله" و"عبد الرحمن"، الذين لم يكتفوا بكوب واحد، بل أخذت طلبات الشاي تزداد.
وقال "نيازي" الأب لــ"سبق" إن صهره الذي قدم قبله إلى هذه المدينة أوصاه بـ"شاي ريزة"، وقدم له نصيحة "إذا قدمت عليها فلا يفوتك شرب الشاي؛ لأنه غير بامتياز".
وأضاف: "رغم أني زرت طھط±ظƒظٹط§ مرات عديدة، إلا أني لم استهوي شرب الشاي إلا في ريزة، لقربي من مصدره – في إشارة إلى المزارع". وختم حديثه بعبارة محلية دارجة "الحقيقة شاي يضبط الكيف والمزاج".
ووصلت شهرة "ط´ط§ظٹ ط±ظٹط²ط©" إلى 40 دولة في العالم من حيث التصدير، إلا أنه لم يحظ بالشهرة ذاتها لدى ط§ظ„ط³ط¹ظˆط¯ظٹظٹظ† والخليجيين.
وبحسب تقديرات مسؤول بأحد مصانع الشاي الحكومية في ريزة، فإن حجم تصديره للسعودية لا يتجاوز مائة طن سنوياً، وفقاً لآخر إحصائية صادرة في ديسمبر 2022.
وضآلة التصدير للسعودية لها "قصة اعتبارية"، يسردها لـ"سبق" مدير الثقافة والسياحة بمحافظة ريزة إسماعيل أوجاج. وتعود هذه القصة إلى 27 عاماً للوراء، وتحديداً في 26 إبريل 1986، المرتبطة بأكبر كارثة نووية شهدها العالم في ذلك الوقت، عرفت بحادثة "تشيرنوبيل" الأوكرانية. ولا يفصل "ريزة" عن أوكرانيا سوى ساحل البحر الأسود، فكان الحظر الرسمي السعودي في ذلك الوقت خوفه من تأثر "مزارع الشاي" تلك بـ "الانبعاثات النووية"، لكن "أوجاج" قال إن هذه المخاوف اختفت بعد مرور هذه العقود.
ويوجد في ريزة وحدها 190 مصنعاً، 50 منها تابعة للحكومة، وكشف مسؤولوها عن خطط واسعة لتصدير "الشاي التركي" إلى السعودية بداية العام المقبل (2015)، ومزاحمة أنواع الشاي الشهيرة في السوق المحلي "الصيني، والهندي، والسريلانكي، والياباني".
وحينما تسألهم عن معيار المنافسة لديهم يجيبونك بشكل مباشر بأن ما يميز "شايهم" عن بقية الأصناف العالمية الأخرى تساقط الثلوج بكثافة على مناطقهم لشهور عديدة؛ ما يعني عدم حاجتهم إلى استخدام المبيدات الكيميائية لمكافحة الحشرات؛ إذ يقوم الثلج بهذا الدور بشكل طبيعي.
وليس الشاي فقط ما يفتخر به أهالي محافظة ريزة، بل تجدهم يفتخرون بأمر آخر، بأن مسقط رأس رئيس وزرائهم رجب طيب أردوغان في هذه المحافظة الصغيرة، التي لا يتجاوز عدد سكانها المائتي ألف نسمة؛ لذلك أنشؤوا جامعة باسمه، تُعتبر من أشهر جامعاتها. ومما تشتهر به "ريزة" أجواء المحافظة والالتزام الديني.
ولربط الجيل الجديد بتخصص "ريزة" في زراعة الشاي، الذي يعتبرونه بمنزلة "النفط" – على حد تعبير السكان المحليين- قامت بلدية "تشانشلي" بعمل متحف مصغر يحكي تاريخ مدينتهم مع الشاي؛ لذلك حينما تكون في الوسط التجاري للمدينة سيقدم لك الشاي بشكل مجان، خاصة لو علموا أنك "مسافر"، التي تعني بالتركية "ضيف"، كنوع من كرم الضيافة والافتخار في الوقت نفسه.
وأهم هدية تؤخذ كذكرى من المدينة هي "علب الشاي" المجهزة للسياح، ولا تستغرب وأنت في المطار المحلي لطرابزون في طريق عودتك إلى ديارك أن تشاهد أشخاصاً يغلب عليهم "السحنة العربية"، ومعهم شحنات غير قليلة من كراتين "ط´ط§ظٹ ريزة".
ويقدر عدد السائحين الذين يفدون إلى مدن الشمال التركي عموم "طرابزون" و"ريزة" و"أزونجول" و"آيدر" سنوياً بـ 80 ألف سائح، نسبة ط§ظ„ط³ط¹ظˆط¯ظٹظٹظ† منهم 30 %.