فإن الله سبحانه وتعالى لم يبتلي العبد ليهلكه، وإنما ابتلاه ليمتحن صبره وعبوديته ، فإن لله تعالى عبودية في الضراء كما له عليه عبودية في السراء، وله عليه عبودية فيما يكره، كما له عبودية فيما يحب .
وأكثر خلق يعطون العبودية فيما يحبون , والشأن في إعطاء العبودية في المكاره، ففيه تتفاوت مراتب العباد، وبحسبه كانت منازلهم عند الله تعالى.
فالوضوء بالماء البارد في شدة الحر عبودية، ومباشرته زوجته الحسناء التي يحبها عبودية، ونفقته عليها وعلى عياله ونفسه عبودية.
وهذا والوضوء بالماء البارد من شدة البرد عبودية ، وترك المعصية التي اشتدت دواعي نفسه إليها من غير خوف من الناس عبودية ، ونفقته في الضراء عبودية،
ولكن فرق عظيم بين العبوديتين.
من كان عبدا الله في الحالتين ، قائماً بحقه في المكروه والمحبوب ، فذلك التي تناوله قوله تعالى(أليس الله بكاف عبده))الزمر 36، وفي القراءة الأخرى((عباده)) وهما سواء ، لأن المفرد مضاف ، فيعم عموم الجمع.
فالكفاية التامة مع العبودية التامة ، والناقصة مع الناقصة ، فمن وجد خيراً فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه.
من كتاب لاتحزن وكن مطمئناً د. عائض القرني
التصنيفات