التصنيفات
اسلاميات

عبوديات خفية

[align=center]بسم الله الرحمن الرحيـم

عبوديات خفيــّة … !!! ( فتـّـش في نفسك )
يقصـر بعض الناس مفهوم العبادة على الركـوع والسجود فحسـب .

وهـي في الحقيقة أعم من ذلك وأشمل بكثير ، فقـد عرّفها شيخ الإسلام بقوله : العبادة هـى اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهـرة.

فالصـلاة والزكاة والصيام والحج وصدق الحديـث وأداء الأمانة وبر الوالدين وصلة الأرحـام والوفاء بالعهود والآمر بالمعروف والنهى عن المنكر والجهاد للكفـار والمنافقـين والإحسان إلى الجار واليتيم والمسكـين وابن السبيل والمملوك من الآدميين والبهائم والدعـاء والذكر والقراءة وأمثال ذلك من العبـادة.

وكـذلك حب الله ورسوله وخشية الله والإنابـة إليه وإخلاص الدين له والصبر لحكمـه والشكر لنعمه والرضا بقضائه والتوكـل عليه والرجاء لرحمته والخوف لعذابه وأمثال ذلك هـي من العبادة لله.

وذلـك أن العبادة لله هي الغاية المحبوبة له والمرضية لـه التي خلق الخلق لها كما قال تعـالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبـدون ) وبـها أُرسل جميع الرسل . انتهى كلامه – رحمـه الله – .

ومـن هنا يتبيّن أن العبادة تشمل الصلاة بما فيها الركـوع والسجود وتشمل الذبح والنـذر والدعاء والطواف بل تشمل الطاعة والخضـوع والاتباع في التشريع – كما سيـأتي – .

ومـن بين العبوديات الخفيّة التي قد تعزب عن بعض الأذهـان :

عبودية الـهوى :

عبودية الشهـوات :

عبوديـة الطاعة والخضـوع :

==========

فعبوديـة الهوى كذلك سماها الله عز وجل حيـث قال : ( أرأيت من اتخذ إلهه هـواه ) ؟ وقال جل جلالـه : ( أفرأيت من أتخذ إلهه هواه وأضلّه الله على علـم )

قـال الحسن – رحمه الله – : هو المنافق لا يهـوى شيئـا إلا رَكِبَه .

وقال قتـادة : هو الذي كلما هوى شيئا رَكِبَه ، وكلمـا اشتهى شيئا أتاه ، لا يحجـزه عن ذلك ورع ولا تقـوى . اهـ .

فليس الأمـر اتّباعاً لشريعة الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بـل هو اتّباع لما وافق الهـوى . فتلك عبادة الهوى ( إن يتّبعـون إلا الظن وما تهوى الأنفـس ) .

ومثل هـذا اتّباع ما وافق رغبات النفس من الفتـاوى ، لا أنه يبحث عن الحق ولا أنها تطلب الحق وتنشـده .

=============

وأما عبودية الشهـوات :

فقـد قال عليه الصلاة والسلام : تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفـة والخميصة إن أعطي رضي وإن لم يعط لم يـرض .

وفـي رواية قال : تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبـد الخميصة إن أعطي رضي ، وإن لم يعط سخـط ، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقـش . رواه البخاري . وهـذا من باب الدعاء على من كان كذلـك .

من كـان يُوالي لشهوته ويُعادي عليهـا … إن أًُعطيَ رضي … وإن لم يُعطَ سخـط . يرضى لرضـا الدينار والدرهم ، ويسخط لسخطهمـا !!

يـرضى للفراش الوثير واللباس الفاخـر ، ويسخط ويتسخّط خشونة العيـش ! أو ترضى ( هي ) لرضـا الذهب والفضة ووجودهما ، وتسخط لفقدهمـا !!

فهـذا دعاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم علـى من كان كذلك بأنه لا يُوفّق ، بـل يُصاب بالانتكاسة وتنقلّب عليه الأمور حـتى لو أُصيب بشوكة فلا يستطيع إنتقاشها وإخراجهـا .

وذكـر الدينار والدرهم والخميصة والقطيفة لا يُراد به الحصر بقـدر ما يُراد به ذكر أمثلـة لما يتهافت عليه الناس ، والتي هـي مما حُبِّب للناس كما في قوله تعـالى : ( زُيّن للنـاس حُبُّ الشهوات من النساء والبنين والقناطـير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسوّمـة والأنعام والحرث ) ثم قال سبحانـه ( ذلك متاع الحياة الدنيـا ) .

فشهـوات البطن قد تكون معبودة مـن دون الله . وشهـوات الفرج قد تكون كذلـك .والشهوة الخفيـة : شهوات المناصـب !

وخـذ على سبيل المثال ذلك المُدخِّن الذي يستأسر وينقاد ذليـلاً لسيجارة !! بـل ربما تنازل عن كرامته في سبيـل الحصول على سيجارة … وإن كان صبيا فربما تنـازل – عياذاً بالله – عن عرضه لأجل سيجارة لعينـة !

ومُدمـن الخمر ، ومُتعاطي المخدّرات مستعـد لأن يُضحي بكل ما يملك حتى يُضحّي بمتاع بيتـه بل يتنازل عن عِرْضِه في سبيل الحصول عليهـا. فانظر – عافاك الله – كيف أصبـح عبداً ذليلاً لشهوة بطنه التي ربما قتَلَتْـه.

ولـذا قال عليه الصلاة والسلام : من لقي الله مدمـن خمر لقيه كعابد وثن . رواه ابن حبان وغـيره وهو حديث صحيح .

وانظـر – حماك الله – إلى ذلك الذي ينحني خاضعـا ذليلا تحت قدمي عاهرة فاجرة ، حـتى سجد أحدهم تحت قدميها فما رفع رأسـه – عياذاً بالله من سوء الخاتمة – فإن مـن عاش على شيء مات عليــه .

قـال ابن القيم – رحمه الله – معلقا على قول الشاعر الخبيـث : وصلك أشهى إلى فؤادي ….. من رحمة الخالق الجليل ( نعوذ بـالله )

قـال – رحمه الله – : ولا ريب أن هذا العشـق من أعظم الشرك وكثير من العشاق يصرح بأنـه لم يبق في قلبه موضع لغير معشوقه البتـة ، بل قد ملك معشوقه عليه قلبه كله فصـار عبدا مخلصا من كل وجه لمعشوقه ، فقـد رضي هذا من عبودية الخالق جل جلاله بعبوديـة المخلوق مثله.

فـإن العبودية هي كمال الحب والخضوع ، وهـذا قد استغرق قوة حبه وخضوعه وذلِّه لمعشوقـه ، فقد أعطاه حقيقة العبوديـة .

وهـذه أمثلة لا يُراد بها الحصـر .

=========

وأمـا عبودية الطاعة والخضـوع :

فأوضـح دليل عليها قصة عدي بن حاتم وقد دخـل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلـى الله عليه وسلم يقرأ :

( اتخذوا أحبـارهم ورهبانهم أربابا مـن دون الله ) قال عدي قلت : يا رسول الله إنهـم لم يكونوا يعبدونهم ! قال : أجل ، ولكـن يحلون لهم ما حرم الله فيستحلونه ، ويحرمـون عليهم ما أحل الله فيحرمونه ، فتلك عبادتهم لهـم .

وقـال حذيفة : أما إنهم لم يكونـوا يعبدونهم ولكنهم أطاعوهم في المعاصـي .

فيـا أخيّ الحبيب قف مع نفسـك وفتّش عن تلك العبوديات الخفيـة . ويـا أخيّتي المسلمـة قفي مع نفسك وسائليها وفتّشي فيهـا . علما أنـني لم أرد الحصر فيما ضربته من أمثلة لكنهـا إشارات لذوي وذوات الألبـاب .

========

أخـــــيراً :

لا تكـن عبداً لغير الله ، فهو سبحانه أهـل الثناء والمجد ، وهو أهل التقوى والمغفـرة ، ولا أحد غيره يستحق أن يُصرف له شيء من العبوديـة ، ولذا قال موسى جوابا لفرعـون ( ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هـدى )

والمعـنى إن كنت أنت يا فرعون الذي فعلت ذلـك فأنت تستحق أن تُعبد ، وأنـت يا فرعون توقن في قرارة نفسك أنك لست الذي تفعـل ذلك كلّه .

وقـد كان السلف والعلماء من بعدهـم يُربُّون تلاميذهم على عدم التّعلّق بمـتاع الحياة الدنيا ، وأن لا يكـون المسلم عبداً لشهوة أيّـاً كانت .

( المرجع/ الشيخ عبدالرحمن السحيـم حفظه الله تعالى )

والله الموفــق

منقول[/align]


لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.