فتنة ط§ظ„ط¯ط¬ط§ظ„ أعظم فتنة منذ أن خلق الله السماوات والأرض إلى أن يرثهما وما عليهما، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أوصافه؛ حتى يعرفه المسلم، ويحذر منه، وبين الأمور التي تكون بها العصمة منه، فعلى المرء أن يعرفها ويتحصن بها.
التحذير من ط§ظ„ط¯ط¬ط§ظ„
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71]. أما بعد:فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. ثم أما بعد: فما زلنا مع هذا الكتاب المبارك العظيم (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة).والكلام في هذا المقام هو عن ط§ظ„ط¯ط¬ط§ظ„ وهو من الكلام على الغيبيات، وقد ذكر العلماء بأنه يعتبر من أشراط الساعة الكبرى، فـالدجال شر غائب ينتظر، وهو أشد فتنة تقع على الناس في آخر العصور، فهو منبع الكفر والضلال، ومورد الفتن والأوحال، كما بين النبي صلى الله عليه وسلم، وسوف نتناول الكلام على ط§ظ„ط¯ط¬ط§ظ„ في أكثر من موضع: الأول: التحذير منه.الثاني: وصفه.الثالث: فتنته.الرابع: كيفية ط§ظ„ظ†ط¬ط§ط© منه.الخامس: نهايته.السادس: ذكر الذين ردوا أحاديث ط§ظ„ط¯ط¬ط§ظ„ وشغبوا عليها، وقالوا أو زعموا زعماً باطلاً بهتاناً وزوراً أن ط§ظ„ط¯ط¬ط§ظ„ هو كل رجل خبيث، يعني: أن ط§ظ„ط¯ط¬ط§ظ„ رمز لكل شيء خبيث.
صفة ط§ظ„ط¯ط¬ط§ظ„
الدجال: اسم لكل فاسق زنديق يخرج عن دين الله جل وعلا، ويبتدع فيه، فمن كان كذلك يسمى دجالاً، والنبي صلى الله عليه وسلم حذر من ط§ظ„ط¯ط¬ط§ظ„ أيما تحذير، كما في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من نبي إلا وقد حذر أمته الدجال)، وفي رواية: (ونوح قد حذر أمته من الدجال) .وأيضاً في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم حذر أمته من ط§ظ„ط¯ط¬ط§ظ„ الكذاب، فصعد فيه وخفض على المنبر حتى قال الصحابة: حسبنا أنه في طائفة النخل، يعني: قلنا: إن ط§ظ„ط¯ط¬ط§ظ„ من شدة ما حذر النبي صلى الله عليه وسلم بجانب النخل أو الشجر، يعني: خلفنا، فالنبي صلى الله عليه وسلم عندما رأى من الصحابة هذا الخوف والوجل قال: (إذا خرج فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإن خرج ولست فيكم فكل امرئ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم) . وهذا ط§ظ„ط¯ط¬ط§ظ„ وصفه لنا النبي صلى الله عليه وسلم؛ حتى يكون المرء على بينه منه، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في وصف بعد أن ذكر المسيح ابن مريم: (ورأيت وراءه رجلاً جعداً قططاً، كأشبه الناس بـابن قطن ، واضعاً يديه على منكبي رجلين يطوف بالكعبة، فقلت: من هذا؟ قالوا: هذا المسيح الدجال) فمن أوصافه أنه جعد قطط، كأشبه ما يكون بـابن قطن .وقال النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً في وصفه: (إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور).وقال صلى الله عليه وسلم: (كأن عينه عنبة طافية). فعينه الأولى فيها عور، يعني: لا يرى بها، والأخرى: فيها عيب. فهذا من دقيق وصف النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الأعور ط§ظ„ط¯ط¬ط§ظ„ .
فتنة ط§ظ„ط¯ط¬ط§ظ„
ّبين النبي صلى الله عليه وسلم أن أشد فتنة منذ آدم عليه السلام إلى آخر الخليقة هو الدجال، كقوله صلى الله عليه وسلم: (ما من فتنة منذ ذرأ الله الذرية أو ذرية آدم إلى آخر الخليقة مثل فتنة الدجال).هذا الأعور الكذاب قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم -وإن كان الحديث فيه ضعيف لكن نستأنس به مع هذه الأحاديث الصحيحة-: (بادروا بالأعمال فتناً) يعني: بادروا قبل الفتن التي تهجم عليكم، ثم قال: (الدجال شر غائب ينتظر) فهو شر غائب ينتظر، وهو أشد فتنة تأتي.وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم فتنة ط§ظ„ط¯ط¬ط§ظ„ وبينها أيما تبيين للأمة؛ لتعلم أن هذه أشد فتنة بحق، فقال صلى الله عليه وسلم: (يا عباد الله! فاثبتوا) وإنما قال هذا ليبين هذه الفتنة الشديدة على الناس، وقال: (إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور) وقال أيضاً: (إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا؛ فإذا رأيتموه فليس هو بربكم)، ثم بين فتنه.وفي روايات كثيرة في الصحيحين وفي السنن: أن النبي صلى الله عليه وسلم بين من فتنته أنه ينظر إلى السماء فيقول لها: (أمطري فتمطر، وينظر إلى الأرض فيأمرها أن تنبت فتنبت، ويأتي على الخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك، فتخرج كنوزها) .
ومن فتنته: أنه يأتي إلى الأعرابي فيقول له: (أنا ربك، تؤمن بي إن بعثت لك أباك وأمك؟ فيقول: نعم، أؤمن بك، فيأمر شيطاناً فيتمثل له في أبيه وأمه)، فهذا الشيطان يأتيه بصورة أبيه وصورة أمه فيقولان له: آمن به فهو ربك، فيؤمن به، والعياذ بالله!ومن فتنته ما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه يمر على القوم فيكذبون فما تبقى لهم سائمة) يعني: تموت كل السوائم، ويعيشون في ضنك بعدما يكذبونه، وهذه فتنة من الله جل وعلا وبلاء عظيم، ثم يمر على القوم فيؤمنون به فيرجعون أحسن ما كانوا وأغنى ما كانوا، يعني: تنزل عليهم النعم، وتطرأ عليهم حين يؤمنون به، وهذا أيضاً فتنة من الله جل وعلا. وأشد الفتن التي يأتي بها -كما بين النبي صلى الله عليه وسلم-: أن معه ناراً وجنة، فقال صلى الله عليه وسلم: (معه نار وجنة، وجنته نار، و ناره جنة، فليدخل أحدكم رأسه في هذه النار وليدع الله جل وعلا) أو قال: (ليستعذ بالله وليقرأ عليه فواتح سورة الكهف)، ثم قال: (فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً كما كانت على إبراهيم عليه السلام). فهناك فتن عظيمة جداً مع هذا الرجل. وأشد الفتن بعد الجنة والنار: أنه يأتي برجل ثم يقول للناس: ترونه؟ لو أمته ثم أحييته أليست هذه صفة الربوبية؟ فهل تؤمنون بي؟ قالوا: نعم، فيأخذ الرجل فيشقه بمنشار حتى يقسمه نصفين، ويسير بينهما، ثم ينادي عليه فيقول: قم، فيلتئم نصف الشق الأيمن مع الشق الأيسر فيقوم متهللاً ينظر إليه، فيقول: تؤمن بي؟ أنا ربك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم -مبيناً أن هذا هو خير الشباب في تلك العصور- فيقول له: (والله ما ازددت فيك إلا بصيرة؛ أنت الأعور الكذاب، أنت ط§ظ„ط¯ط¬ط§ظ„ الذي حذرنا منه النبي صلى الله عليه وسلم). فيمكث في الناس قدر ما يمكث، ويأتي بخوارق العادات، وبالأعاجيب التي ملكه الله إياها حتى يكون بلاءً على الناس، وأكثر من يؤمن بـالدجال اليهود عليهم لعائن الله جل وعلا،
وأيضاً: النساء أكثر أتباع ط§ظ„ط¯ط¬ط§ظ„ ، وأيضاً يتبعه من النصارى جزء، وكل طائفة من هؤلاء الطوائف الثلاثة يتبعون المسيح. أما الأمة الإسلامية فتنتظر مسيح الهدى الذي يقتل ط§ظ„ط¯ط¬ط§ظ„ ، رغم أنوف أهل الاعتزال والخوارج وأهل الكلام، وأيضاً: النصارى ينتظرون المسيح، ولكن ينتظرون المسيح ربهم، واليهود ينتظرون المسيح الذي بشر به موسى، والمسيح الذي بشر به موسى قد جاء وهو عيسى بن مريم عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام. المقصود: أن الثلاث الطوائف ينتظرون المسيح ؛ فـالمسيح ط§ظ„ط¯ط¬ط§ظ„ سيؤمن به اليهود والنصارى، أما نحن فننتظر مسيح الهدى الذي سيقتل هذا المسيح ط§ظ„ط¯ط¬ط§ظ„ الذي يمكث في الأرض يفتن الناس ويفتتن به الناس.
مكث ط§ظ„ط¯ط¬ط§ظ„ في الأرض
وأما مكثه في الأرض فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك عندما سألوه وقالوا: يا رسول الله! ما مكثه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يلبث فيكم أربعون: يوماً كسنة -يعني: يلبث أو يمكث يوماً كسنة- ويوماً كشهر، ويوماً كأسبوع، وباقي أيامه كأيامكم هذه) ولذلك قالوا: يا رسول الله! أنصلي في اليوم الذي هو سنة صلاة واحدة وتكفينا؟ فقال: (لا؛ اقدروا له قدره) يعني: تعرف على ما بين العصر والظهر، وكلما يمر عليك وقت كما بين الظهر والعصر تصلي الظهر، ثم تصلي العصر، ثم تصلي المغرب، ثم تصلي العشاء، فحتى وإن لم تغرب الشمس عاماً كاملاً تصلي كل يوم، وتقدر له قدره، هذه مدة لبث المسيح ط§ظ„ط¯ط¬ط§ظ„ في الأمة، فهي ليست بالهينة.
يتبع باذن الله