التصنيفات
اسلاميات

( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ …) -من الاسلام

إخواتي : حديثنا اليوم عن موضوع من مواضيع الإيمان، موضوع من مواضيع أعمال القلوب، التي لا يستشعرها، ولا يعيش لحظاتها، إلا من أوقد الله قلبه بحرارة الإيمان، وعمّره برياض ذكر الله سبحانه وتعالى، والإقبال عليه، وخشيته بالسر والعلانية، إنه موضوع فيه احتساب للأجر، وفيه صبر لله تعالى، وفي ذات الله عز وجل، وصبر على أقدار الله سبحانه، يقول الله عز وجل في محكم تنزيله: ( ط£ظژظ…ظژظ‘ظ† ظٹظڈط¬ظگظٹط¨ظڈ ط§ظ„ظ’ظ…ظڈط¶ظ’ط·ظژط±ظژظ‘ ط¥ظگط°ظژط§ ط¯ظژط¹ظژط§ظ‡ظڈ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ )سورة النمل 62. فمن الذي يجيب المضطر إذا رفع يديه لله سبحانه وتعالى يطلب منه المدد؟ ومن الذي يجيب المسلم في لحظات الكرب والشدة، وهي يهتف داعياً ربه منيباً إليه، طالباً منه العون وتفريج تلك الهموم؟ ( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)سورة الانشرح 5-6. فهذا العسر معرفة وهذا اليسر نكرة في الآية، ولذلك قال ابن عيينة رحمه الله: "أي أن مع ذلك العسر يسراً آخر" كقوله سبحانه: (هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ )سورة التوبة 52. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ضحك ربنا من قنوط عباده وقُرب فرجه). إن العباد إذا نزلت بهم الشدائد فإنهم سرعان ما يقنطون، والله سبحانه وتعالى جعل لكل أجل كتاباً، وجعل لهذا الهم نهاية، ولهذا الكرب تفريجاً، ولكن العباد يستعجلون، والله سبحانه يعجب ويضحك من قنوطهم ومن قرب فرجه. وكتب عمر إلى أبي عبيدة يقول: "مهما ينزل بامرئ من شدة يجعل الله له بعدها فرجاً، وإنه لن يغلب عسر يسرين".
وهذه الشدائد التي تصيب المسلم في حياته بشتى الصور، لا بد لها من فوائد، إن للشدائد فوائد بالرغم من أنها مكروهة للنفس، فمنها: أن الله يكفر بها الخطايا، ويرفع بها الدرجات، ويدفع الكربُ المكروبَ إلى التوبة، ويلجأ إلى الله، وينكسر بين يديه، وهذا الانكسار أحب إلى الله من كثير من العبادات، أن ينكسر المخلوق لله سبحانه، وأن يشعر بذله أمام الله، وأن يشعر بحاجته إلى ربه، وافتقاره إلى خالقه، فينقطع إلى الخالق ويترك المخلوق، وهنا يتحقق التوحيد، ويتنقى من أدران الشرك بأنواعها، ويخلص الإنسان لربه.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد علمنا أدعية إذا نزل بنا الكرب، واشتدت الأمور، وضاقت علينا الأرض بما رحبت، علمنا ماذا نقول، في الصحيحين عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: (لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم)
. وكان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر قال: (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث). وقال عليه السلام لأسماء بنت عميس: (ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب: الله ربي لا أشرك به شيئاً). وقال عليه السلام: (من أصابه هم أو غم أو سقم أو شدة فقال: الله ربي لا شريك به كشف ذلك عنه). وعن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوة المكروب:( اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).
وهذه ألطاف الله قد تخفى على الكثيرين.
وكم لله من لطف خفيٍ *** يدق خفاه عن فهم الذكي
وكم من يسر أتى من بعد عسر *** وفرج لوعة القلب الشجي
وكم من هم تُساء به صباحاً *** فتعقبه المسرة بالعشي
إذا ضاقت بك الأسباب يوماً *** فثق بالواحد الأحد العلي
وقال أبو الحاكم السجستاني رحمه الله:
إذا اشتملت على اليأس القلوب *** وضاق بما به الصدر الرحيب
وأوطأت المكارم واطمأنت *** وأرست في أماكنها الخطوب
ولم تر لانكشاف الضر وجهاً *** ولا أغنى بحيلته الأريب
أتاك على قنوط منك غوث *** يمن به اللطيف المستجيب
وكل الحادثات إذا تلاهت *** فموصول بها فرج قريب
اللهم فرج كرباتنا ، وفرج همومنا وأحزاننا ،
اللهم واجعل لنا من رحمتك نصيباً موفوراً،
اللهم واجعلنا من عبادك الأتقياء الأخفياء.

منقول


لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.